حلت أمس ذكرى رحيل واحدة من أيقونات الأدب والسياسة فى الوطن العربى بصفة عامة وفى مصر بصفة خاصة وهى سهير القلماوى، التى أثرت فى الحياة الثقافية على نطاق واسع ورحلت عن عالمنا فى الرابع من مايو عام 1997.
ولدت سهير القلماوى فى القاهرة، وسط عائلة اهتمت بتعليم بناتها، حيث كان والدها طبيب جراح ووالدتها تتحدث اللغات المختلفة، تخرجت من الكلية الأمريكية للفتيات عام 1928م، كما كان لوالدها أيضًا دورًا كبيرًا فى تنمية مهارتها اللغوية والثقافية فبدأت معه بقراءة القراءة الكريم، إلى جانب مكتبته التى كان يمتلكها، حيث أنها كانت قادرة على الاستفادة من مكتبة أبيها ذات الأعمال الشاسعة بسن مبكر، ويبدوا أن كتابا مثل طه حسين ورفاعة الطهطاوي وابن إياس ساهموا فى موهبتها الأدبية بشكل كبير وشكلوا صوتها كأديبة .
وشجعها والدها على التخصص فى الأدب العربى، وأصبحت أول فتاة شابة تتردد على جامعة القاهرة وأول امرأة بين 40 رجلا تدرس الأدب العربى، بعدما حصلت على الماجستير فى الآداب، ثم تلقت منحة لإجراء البحوث في باريس لشهادة الدكتوراه فى عام 1941، وبعد انتهاء رسالة الدكتوراه، أصبحت أول امرأة تحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة.
وخلال مسيرتها التعليمية تأثرت بعدد من الشخصيات أبرزهم عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين الذى كان رئيس قسم اللغة العربية ورئيس تحرير مجلة جامعة القاهرة آنذاك، حيث جعلها مساعدة رئيس التحرير فى المجلة عام 1932 وأصبحت أول امرأة تحصل على تصريح بممارسة الصحافة فى مصر.
بدأت الدكتورة سهير القلماوى مسيرتها المهنية بعد التخرج كأول محاضرة فى جامعة القاهرة عام 1936م، وسرعان ما أصبحت أستاذة جامعية ولاحقاً رئيسة قسم اللغة العربية بين عامى 1958-1967م، بالإضافة إلى أنها أصبحت رئيسة الاتحاد النسوى المصري، وأصبحت رئيسة الهيئة المصرية العامة للسينما والمسرح والموسيقى عام 1967م ورئيسة مجتمع ثقافة الطفل عام 1968م، كما كانت أيضًا رئيسة الإدارة التابعة للهيئة المصرية للكتاب، فى الفترة من 1967 إلى 1971 وكرئيسة هيئة الرقابة من 1982 إلى 1985م.
خلال توليها منصب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب عملت على توسيع نطاق القراء وتشجيع الكتاب الشباب والنهوض بصناعة الكتب، فى عام 1967، ومن هنا أسست أول معرض كتاب فى الشرق الأوسط وهو "معرض القاهرة الدولى للكتاب" فى عام 1967م.
لم تقتصر إسهامات سهير القلماوى فى الوسط الثقافى فقد بل ساهمت فى نضال المرأة، من أجل الحفاظ على حقوقها وذلك عبر عبر أعمالها الأدبية، إلى جانب مشاركتها فى فى العديد من المؤتمرات الخاصة بالمرأة العربية وفى عام 1960، كانت رئيسة المؤتمر الدولى للمرأة.
رحلة سهير القلماوى كان حافلة أيضا بالعمل السياسى وكانت البداية عندما دخلت مجال السياسة كعضو بالبرلمان فى عام 1958م، ورشحت مرة أخرى فى الفترة من 1979 حتى 1984م.
وعبر مسيرتها الأدبية قدمت سهير القلماوى مجموعة من المؤلفات منها "أحاديث جدتى، ألف ليلة وليلة، في النقد الأدبى، أدب الخوارج، ثم غربت الشمس، العالم بين دفتي كتاب، الشياطين تلهو، المحاكاة فى الأدب، ذكرى طه حسين"‘ إلى جانب ترجمتها للعديد من الكتب والقصص مثل "عزيزتى اللويتا، رسالة أبون لأفلاطون، قصص صينية لبيرل بك، بالإضافة إلى عشر مسرحيات لشكسبير.
حصلت على جائزة مجمع اللغة العربية فى عام 1954م، وجائزة الدولة التقديرية فى أدب الشباب، كما حصلت على جائزة الدولة التشجيعية، وجائزة الدولة التقديرية فى الآداب، وجائزة الدولة التقديرية فى الآداب، ووسام الجمهورية من الدرجة الأولى، ووسام الإنجاز، والدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، لترحل عن عالمنا بعد رحلة من الإنجازات فى شتى المجالات فى عام 1997م.