قدم الفنان جون نيفاريز، فنان الرسوم المتحركة لفيلم "كوكو" الحائز على جائزة الأوسكار العالمية، خلاصة تجربته في صناعة الرسوم المتحركة لأكثر من 25 عامًا في أعمال ناجحة مثل (Spider-Man: Into the Spider-Verse) و(The Emoji Movie) و(Astro Boy)، لجمهور "مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة"، الحدث العالمي الأول من نوعه في المنطقة، وعرفهم على أبرز التقنيات والأدوات والقواعد المستخدمة في تخصصات الصناعة.
جاء ذلك في دورة متخصصة بعنوان "رحلتي في صناعة الرسوم المتحركة" قدمها الفنان الذي عمل لأكثر من عقدين مع شركات مثل ديزني وبيكسار وسوني ضمن فعاليات اليوم الأول من "مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة"، الذي تنظمه "هيئة الشارقة للكتاب في الفترة 3 - 5 مايو بـ"مركز إكسبو الشارقة".
وأشار نيفاريز إلى أنه بدأ مسيرته في مجال الرسم ثم انتقل إلى التصميم وعمل مع أغلب الاستديوهات التي تتخذ من مدينة لوس أنجلس مقراً لها، مشيراً إلى أنه بدأ بالعمل في القنوات التلفزيونية قبل الانتقال للعمل على الأفلام القصيرة والطويلة، بالإضافة إلى عدد من المشاريع الخاصة التي ألف فيها مجموعة من الكتب المصورة، وتخرجه في عام 1984، مسلطاً الضوء على عدد من الشخصيات والأغاني والفنانين المعروفين والأفلام التي تجسد الثقافة السائدة في شبابه خلال حقبة منتصف الثمانينات، وكيف أسهم شغفه بها الفن وإصراره على النجاح بمساعدته على اغتنام أي فرصة تتاح له للعمل في هذه الصناعة الإبداعية التي أكسبته الخبرة اللازمة للعمل مع كبرى شركات الإنتاج السينمائي، على أعمال كبيرة، منها (The Emporer's New Groove 2)، و(The Secret Life of Pets 2)، و(Brother Bear 2)، و(Cars 2)، و(Monsters Universiy).
وفي إجابته على سؤال حول أكثر الأفلام التي أحب العمل عليها، قال: جميعها ولكن لفيلم (كوكو) مكانة خاصة، فقد بدأ بفيلم درامي قبل أن يتحول إلى فيلم غنائي، وعندما شاهدت الفيلم بكيت وشعرت بالفخر لأني كنت جزءاً منه، وأحسست بأنه يمثلني ويجسد أصولي المكسيكية، فأنا أعرف هذه الشخصية التي أصبح العالم بأسره قادراً على سماعها وفهمها والتعاطف معها، ونحن بحاجة للمزيد من هذا الحوار الثقافي، ومن مشاركة ثقافاتنا وخبراتنا وتجاربنا ورحلاتنا مع شعوب العالم".
5 قواعد لتصميم شخصيات الهياكل العظمية
وحول قواعد تصميم شخصيات الهياكل العظمية في فيلم "كوكو"، ذكر نيفاريز خمسة قواعد أساسية؛ الأولى أن يستطيع المشاهد تمييز شخصية الرجل عن المرأة بسهولة تامة، والثانية أن تمثل الهياكل كافة الفئات العمرية من الأطفال والشباب والكهول، والثالثة أن تحتفظ الهياكل بشعر الوجه الذي يتجسد بالحاجبين والشارب وشعر الذقن إن وجد، والرابعة أن ترتدي الهياكل العظمية الملابس، والخامسة أن تعكس الملابس فترات زمنية مختلفة لأن الناس يموتون في عصور مختلفة وكل شخصية ترتدي ملابس عصرها.
وأكد نيفاريز أن الخطأ الأكبر الذي يرتكبه صناع الرسوم المتحركة هو تقديم لوحة واحدة، فمهما كانت جميلة ومعبرة وذات جودة عالية، تبقى لوحة واحدة، تشكل نقطة انطلاق للعمل وليس العمل نفسه، حيث يجب أن يفكر الفنان كما يفكر صانع الفيلم، وأن يقدم عدة لوحات لتلك الشخصية في مواقف ووضعيات مختلفة تشكل مجتمعى سرداً قصصياً بصرياً حتى لو يكن مكتملاً، على الأقل أن تشكل مشهداً محدداً بدون نهاية واضحة، وأن تجيب على أسئلة مثل ماذا حدث قبل هذه اللحظة، وماذا حدث بعدها، وكيف بدأت وكيف ستنتهي، وما هو الخط الزمني لهذه الأحداث، وما هو المنظور الأنسب لها والزاوية الأفضل لتجسيدها، من أمام الشخصية أم من خلفها، أم انعكاسها، أو عن قرب أو عن بعد.
وعرف نيفاريز الجمهور على كيفية بناء المشهد، الذي يشكل فرصة لإظهار مهارات السرد القصصي ورحلة الشخصيات لإقناع شركات الإنتاج، مشبّهاً المشهد بالكتاب المصور الذي يروي قصة، مؤكداً أهمية التفكير كمخرج سينمائي، وأوضح أن مهمة الفنان تشبه مهمة الموزع الموسيقي (DJ) الذي يقف أمام مجموعة من الأزار لكل منها مهمة خاصة، من الرسم والتمثيل والتصميم وتركيب عناصر المشهد والمقدمة وبداية الأحداث والزمن والإضاءة وغيرها من العناصر، والفنان الجيد هو القادر على التحكم بهذه العناصر لتقديم مشهد جميل كما يقدم الموزع الموسيقى مقطوعة موسيقية جميلة.
وحول عناصر السرد القصصي البصري، قال نيفاريز: "المعلومات والمشاعر والتجربة هي أهم العناصر، وجميعنا رواة قصص دون أن نعلم، فعندما تقول لأحد أصدقائك: هل تعلم ماذا حدث معي اليوم؟ ذهبتُ إلى مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة مع صديقي، وخلال مشاركتنا في الدورة المتخصصة، فجأة دخل كلب إلى القاعة، فنظر جميع الحضور إلى الكلب، وحدث هذا، وحدث ذلك، ثم حصل هذا، وحصل ذلك.. إلخ، وهذه هي المعلومات، أم المشاعر فهي ما تريد إثارته لدى المستمع أو المشاهد، مشاعر التعاطف أو الخوف، أو الإثارة.. إلخ، وهذه هي التجربة التي تقدمها القصة.
وناقش نيفاريز مراحل العملية الإبداعية التي يتبعها، وقدم مجموعة من النصائح والتوجيهات والتمارين للفنانين والرسامين المشاركين، منها تمرين على خمسة رسومات مبنية مشهد معين، لتعزيز مهارات السرد القصصي البصري، وانتقل إلى تمرين 20 لوحة مبنية على رسم معين، وغيرها من التمارين المتعلقة بالتصميم والنظرة السينمائية وتركيب عناصر الصورة والتقنيات التي تشكل لهم مصدر إلهام للانطلاق في رحلاتهم الإبداعية إلى عالم الرسوم المتحركة.
يشار إلى أن فعاليات اليوم الأول من المؤتمر شهدت تنظيم دورتين متخصصتين إلى جانب هذه الدورة، الأولى بعنوان "كيف تزيد فرص الحصول على وظيفة في عالم الرسوم المتحركة والألعاب" قدمها روبن لين، المدير الفني والإبداعي في قسم فن الرسوم المتحركة في أكتيفيجن بليزارد Activision Blizzard، والثانية أدارها مامورو يوكوتا، مخرج "ون بيس"، بعنوان "مامورو يوكوتا – حياتي"، بالإضافة إلى سلسلة من ورش العمل والجلسات النقاشية وعروض الأفلام.