أكد عدد من الناشرين والخبراء فى مجال أدب الطفل، أن مهمة الناشر المتخصص بكتب الأطفال واليافعين مسئولية كبيرة، تواجه فى الوقت نفسه الكثير من التحديات المرتبطة بمتغيرات عديدة، أبرزها توجهات وتفضيلات الأطفال أنفسهم، وخيارات أولياء الأمور، إلى جانب آليات التواصل والعمل مع الكتّاب والفنانين والموزعين، موضحين أن صناعة كتاب طفل ناجح، تعد أول خطوة لبناء أجيال من القراء فى المستقبل.
جاء ذلك خلال فعاليات جلسة "كتاب الأطفال من منظور الناشر"، ضمن فعاليات اليوم الثانى من مهرجان الشارقة القرائى للطفل فى دورته الرابعة عشر، بمشاركة عدد من الناشرين والخبراء وهم لطيفة الفلاسي، ومؤنس حطاب، ونيراج جاين.
وقالت لطيفة الفلاسي: "يوجد تحديات وتطلعات فى كل زمان ومكان ترتبط بصناعة كتاب الطفل، فإذا كنا نريد النشر لقارئ صغير، لابد أن نشبه الكتب الموجهة إليه بـ "بوابة القصر"، وهى التى تحدد ما إذا كان هذا القارئ سيدخل القصر ويستكشفه، أم سيدير ظهره ويذهب، وبالتالى فتلك البوابة هى التى تكشف مستقبل القارئ حينما يكبر وما إذا كان سيفضّل القراءة أم يبحث عن مجال آخر للمعرفة، الأمر الذى يضع مسؤولية كبيرة على الكاتب".
وأضافت، الكتابة تحتاج إلى ضبط، فهى ترتبط بموهبة وشروطها التى لا يجب أن يتنازل عنها أى ناشر إذا كان يتحمل مسؤولية ما يقدمه للأطفال، وقد رصدنا خلال عملنا الكثير من النصوص الموجهة للأطفال، ووجدنا أن عدداً كبيراً منها لا يصلح للنشر، ولا يستوفى الشروط فنية وأدبية.
وقالت بعض الآباء يختارون لأبنائهم ما يقرأونه، وهذا يعكس الخوف من اتجاه الأطفال لكتب تتضمن محتوى غير ملائم، لكن هذا الخوف غير مبرر، فجميعنا عشنا تجارب القراءة بحلوها ومرها، لذلك لا يجب أن نقدم للأطفال كتباً تراعى كل حساسيات وتخوفات أولياء الأمور، لأن فرض كتب بعينها يدفع بالأطفال للنفور من القراءة.
ومن جانبه حدد مؤنس حطاب، معايير إصدار الكتاب الناجح للطفل، مؤكداً أن الناشر يقع على عاتقه قبول واختيار النصوص بمسؤولية عالية، فالنشر ليس بالحالة السهلة الآن، مشيرا إلى أن الكتابة هى حالة إبداع، فلا نستطيع أن نقول إن كان هذا النص جيداً أم لا، كما أن هناك معايير متفاوتة للكتابة.
وأضاف حطّاب، كناشر، استطيع أن أقيم النص باعتباره عملاً إبداعياً ضمن رؤيتى ومسؤوليتي، وكونى مطلعاً على نصوص مطبوعة أستطيع أن أحدد إذا كان سينجح أم لا، بالإضافة إلى الالتزام بمعايير محددة فى استقبال النصوص أهمها المرحلة العمرية للطفل؛ فما يقدم للطفولة المبكرة غير المتوسطة أو مرحلة الفتيان.
وتابع كل هذا يجعلنا بحاجة إلى أن نكون مدربين على صناعة وكتابة النصوص، حتى نستطيع استقبال هذه النصوص بأكثر من أسلوب، لأن الناشر يفكر بجانب آخر غير الحالة الإبداعية للكتابة، منها كيف سنصنع الكتاب ونوعه وحجم الورق"، لافتاً إلى أن الناشر لا يجب أن يتدخل فى الرسومات الفنية، وعليه أن يترك العنان للفنان مع إمكانية إضافة توجيهات منطقية.
وقال نيراج جاين، على ضرورة النظر لطريقة تفكير الطفل من قِبل الناشرين، خاصةً وأن اهتمامات الأطفال تختلف باختلاف الثقافات، موضحاً أن شركته أجرت عدة أبحاث فى دول مثل كندا وأستراليا والهند، ووجدت العديد من القضايا والمعايير المشتركة بين الأطفال، فمجملهم يحبون ما يضحكهم، وكذلك يميلون إلى الشخصيات الخارقة التى يريدون التمثل بها".
وأكد على أهمية إتاحة المجال أمام الأطفال لاختيار الكتب التى يرغبون بها وليست الكتب المفروضة عليهم، إذا فرضنا على الطفل قراءة كتب بعينها، فإنه ربما لن يصبح قارئاً بقية حياته، فإذا أردنا بناء طفل قارئ، فلابد أن نفسح أمامه المجال كى يختار ما يريده.