كان وقفاً، كالطود فى شموخ بين الناس، يلقى عظاته، تتساقط كلماته تشوى وجوه العصاة. تذرف عيونهم ندماً فى صمتٍ بليغ، كان يقيم أسواراً بينهم وبين خطاياهم.....تطفو فوق جباههم حسرة، تحملهم أقدامهم بشق الأنفس، تود أيديهم لو حملت تراب الأرض فوق الرءوس؛ علها تكفكف من جحيم الحسرة المتواصل. تركهم بعد أن ترك أرضاً صُلبة، تحمل فى طياتها بساتين للعائدين.
وعندما كنت أطوف فى المساء الأخير، مُنتشيا بجرعات الإيمان، رأيته فى حانةٍ صغيرة على أطراف المدينة، رأيته يرتشف خمر الضياع..... وبعد أن عانقت كلماته حنايا الضلوع، إنْهالَ عليها غبار كثيف، وعدت من جديد، بعد أن كفرت بالكمات.