تمر، اليوم، الذكرى الـ141، على استقالة رئيس وزراء مصر الشاعر محمود سامى البارودى، احتجاجًا على قبول الخديوى توفيق مطالب إنجلترا وفرنسا بإبعاد أحمد عرابى عن مصر، وذلك فى 26 مايو عام 1882.
وكان للفارس والشاعر الراحل محمود سامى البارودى دور كبير منذ بداية الثورة، وكان الداعم الأول للحركة رغم أنه كان عضوا بالحكومة إذ كان وزيرا للأوقاف فى ذلك الوقت، وعندما ذهب عرابى ورفاقه إلى عصر عابدين كان مطلبهم الأول عزل عثمان رفقى ناظر الحربية، وتعيين الباوردى بدلا منه.
بعد عودة شريف باشا عقب الثورة العرابية تولى البارودي نظارة الحربية إلى جانب وزارته للأوقاف، بعد مطالبة حركة الجيش الوطنية بقيادة عرابي بذلك، وبدأ البارودي في إصلاح القوانين العسكرية مع زيادة رواتب الضباط والجند، لكنه لم يستمر في المنصب طويلًا وخرج من الوزارة وقدم استقالته في 22 أغسطس 1881؛ نظرًا لسوء العلاقة بينه وبين رياض باشا رئيس الوزراء، الذي شحن الخديوي ضده.
بعد تمكن الثورة العرابية طالبت بتعيينه رئيسا للوزارء، وبالفعل تولى الرئاسة إلى جانب نظارة الداخلية في 4 فبراير 1882 - واستمر حتى 17 يونيو من نفسه العام ليحفظ له التاريخ أنه كان أول رئيس وزراء في تاريخ مصر لم يعينه الخديوي بل ينتخبه مجلس النواب وخرج انتصارا للوطنية المصرية والكرامة ورفضا لإبعاد أحمد عرابي عن مصر بقرار من انجلترا وفرنسا.
لقد كان البارودى أحد أبطال ثورة عرابى، ثم أسندت إليه رئاسة الوزارة الوطنية بعد الثورة في 4 فبراير 1882، وظل يشغلها إلى أن استقال 26 مايو 1882، احتجاجاً على قبول الخديو توفيق مطالب إنجلترا وفرنسا بإبعاد أحمد عرابى، فتم نفيه في 3 ديسمبر 1882 إلى سرانديب (سريلانكا) 17 عاماً، وظل يعانى الوحدة والغربة وسجّل ذلك في شعره، واشتد عليه المرض فعاد لمصر في 12 سبتمبر 1899 وترك السياسة، وفتح بيته صالوناً للشعراء " أحمد شوقى وحافظ إبراهيم ومطران وإسماعيل صبرى، فيما عرف باسم "مدرسة الإحياء".
وبعد فشل الثورة واحتلال الإنجليز لمصر عوقب بالنفى مع زعماء الثورة، وتم نفيه رفقة عرابى إلى سرانديب، وظل محمود سامى البارودى 17 عاما منفيا، وتوفيت زوجته ورفيقة دربه، فحزن عليها شديدا، ولم يكد يفيق الباردى من صدمة زوجته حتى رحلت ابنته فى شبابها، وبعد سنوات عاد مع زوجته الثانية إلى مصر شبه كفيف، قبل أن يفقد بصره نهائيا في مصر، فقد أصيب برشح فى القرنيتين أفقده البصر وقرر الأطباء ضرورة عودته لمصر لمعاجلته فى المناخ الذى نشأ فيه، وعفا عنه الخديوى عباس حلمى وعاد إلى مصر، وردت إليه ممتلكاته وجملة ريعها لكنه لم يعد إليه بصره، إلى أن لقى ربه في 12 ديسمبر 1904.