كشف الدكتور هيثم الحاج على، الأستاذ بكلية الآداب فى جامعة حلوان، ورئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب السابق، أن الجماعات الأدبية منذ ظهورها فى الوسط الثقافى المصرى، كان لها تأثير واضح سواء على الأدب أو الجمهور الملتقى.
وأشار الدكتور هيثم الحاج على، فى تصريحات خاصة لـ"انفراد" إلى أنه خلال فترة السبيعنيات كانت هناك عدة محاولات لإحياء فكرة الجماعات الأدبية القائمة على توجهات جمالية استكمالا لفكرة الجماعات الشعرية العربية التي بدأت في الثلث الثاني من القرن العشرين خاصة جماعة الديوان وأبولو والمهجر ثم الجماعات الفنية التي مزجت الفني بالأيديولوجي مثل جماعة الفن والحرية.
وأوضح هيثم الحاج على أنه في فترة السبعينيات في مصر كانت جماعة إضاءة 77 وأصوات، وهما الجماعتان الشعريتان اللتان كان لهما منجز جمالي واضح تمت بلورته في صورة بيانات ودراسات توضح أهداف الجماعتين، وأيا كان الأمر فقد كانت التجربتان بما لهما من أثر كبير على المشهد الشعري العربي، لكنهما في الوقت ذاته لم تستمرا في البقاء لفترة طويلة وإن استمر أثرهما.
وأضاف "الحاج على": لكن هاتين الجماعتين على وجه التحديد وربما نضم إليهما "نصوص 90" لم يكونا المثال القابل للتكرار من ناحية المنجز الجمالي، حيث تنوعت الجماعات الأدبية التي كانت مجرد تجمعات لعدد من المهتمين بالعمل الإبداعي دون أطر نظرية أو جمالة واضحة، بل بدا أن التجمع كان لمواجهة الظروف المحيطة على مستوى العمل الثقافي مثل ظروف صعوبة الإنتاج والنشر على سبيل المثال، وهو ما بدا واضحا في نماذج متعددة من الجماعات الأدبية المستقلة التي انتشرت في مصر وربما الوطن العربي مع نهايات الألفية، والتي كانت تستمر بفعل جهود أسماء بعينها داخل هذه الجماعات، وتتوقف عندما يغير هؤلاء الأفراد اهتماماتهم لسبب ما أو لآخر.
وأوضح هيثم الحاج على، أن التعامل الحكومي مع جماعات المثقفين كان يميل إلى الاستيعاب والدعم في كثير من فترات تاريخه، وهو الأمر الذي بدأ ربما منذ إنشاء وزارة الإرشاد منذ الخمسينيات، ثم وزارة الثقافة في الستينيات، وهو ما بدا واضحا في الدعم الذي قدمه يوسف السباعي لجماعة أدباء 68 التي تكونت من شباب الأدباء المعبرين عن سخطهم بعد نكسة يونيو، ونتج عن هذا الدعم إصدار مجلة جاليري 68 حسبما يقرر الدكتور شكري عياد في تأريخه للجماعة في كتابه المهم "المذاهب الأدبية والنقدية عند العرب والغربيين".
ويرى الدكتور هيثم الحاج على أن هذه الفكرة قد تنامت لدي مسئولي الثقافة في تلك الفترة اعتمادا على محاولتهم لاستيعاب الحركات الثقافية الأكثر ظهورا في المجتمع خاصة التي لا يجمعها أطر جمالة أو ثقافية والتي اعتمدت على التقارب الشخصي بين بعض المثقفين، ليصل الأمر في النهاية إلى الإعلان الصريح عن فكرة الحظيرة الثقافية التي لاقت استهجانا عند كثير منهم، لكنها في الوقت نفسه عبرت عن توجه شبه رسمي بدأ منذ نهاية السبعينيات ليصبح العمل الثقافي الرسمي في ذلك الوقت عملا موجها لخدمة النخبة الثقافية، وذلك في تغيير للأسس التي قامت عليها المؤسسات الرسمية في الأساس، وهي التي قامت لتكون مساعدا لهذه النخب الثقافية لتستطيع إحداث الأثر الثقافي المرجو، وهو ما يمثل تغييرا واضحا للأسس والأهداف التي قامت من أجلها، وربما كان لذلك أثر كبير في طبيعة تعاطي هؤلاء المثقفين مع قضاياهم من ناحية ومع المؤسسة التي ينبغي عليها رعاية هذه القضايا من ناحية أخرى.
ويقول الدكتور هيثم الحاج على: يبدو الأمر إذن على المستوى التاريخي معقدا بصورة كبيرة، لكن هذا التعقيد ربما يدعونا الآن إلى النظر إلى فكرة المؤسسة الثقافية – وأعني بها كل ما يكون نظم العمل الثقافية والتعامل مع المثقفين وقضاياهم ومجال عملهم سواء كانت المؤسسة رسمية أو أهلية – بوصفها الفكرة التي نحتاج إلى إعادة التفكير في وظائفها الأساسية لتصبح مرة أخرى داعمة لعملهم الذي يجب ان يستهدف التماس مع الجمهور، أي ليصبح المثقف والمؤسسة معا في خدمة الجمهور، بعد أن أسهمت الرؤية الماضية في إحداث فجوة وربما قطيعة بين المثقف والجمهور الذي يجب أن يكون في خدمته.