تجذب حوارات الكتاب الكبار الجمهور لكنها تكون مثارًا للجاذبية الأكبر إذا كان طرفا الحوار من الكتاب خصوصا لو كانا من المشاهير وقد تحاور الكتاب عمومًا فى كثير من الحوارات التليفزيونية والحوارات الحية في المناسبات المختلفة وبقيت هذه المحادثات فى الذاكرة وهنا نتذكر بعضا منها
حوارات بورخيس وساباتو
يعرض كتاب حوارات بورخيس وساباتو للكاتب أورلندو بارونى الذى صدر بالإسبانية قبل سنوات وصدرت منه حديثا باللغة العربية عن دار نينوى بترجمة عبد السلام عقيل سلسلة من المحادثات التي أجريت بين اثنين من أعظم الكتاب في الأدب الأرجنتيني والعالمي: خورخي لويس بورخيس وإرنستو ساباتو وقد اتفق الاثنان ، بسبب الاختلافات الجمالية والسياسية العميقة ، على التحدث بوساطة الناقد أورلاندو بارون حول العديد من الموضوعات التي تظهر في أدبهم وكذلك حول القضايا المتعلقة بالفن والحياة بالإضافة إلى كونها بيانًا مؤثرًا ، تنتهي هذه الحوارات أحيانًا بتشكيل أجزاء حقيقية من النقد الأدبي.
وهذا جانب من الحوار عن القصة القصيرة والرواية:
بورخيس: القصة القصيرة بمثابة حلم مقتضب، أو هذيان قصير الأمد.
ساباتو: الرواية، في المقابل، أشبه ما تكون بقارة يتعين فيها اجتياز مستنقعات أو أهوار واسعة، أو قطع طرقات طويلة وسط الغبار والطين، للوصول في نهاية المطاف إلى مكان رائع.
بورخيس: ولهذا يجب أن يشعر الكاتب بالرضى عندما يختتم روايته، وفي المقابل، لا يعرف كاتب القصة حين ينتهي من كتابة قصته، ما إذا كانت تستحق أن يكتبها.
ساباتو: ولكن يا بورخيس، شيء من هذا القبيل يحدث في الرواية، أو أسوأ منه: تخيل ما يحدث إذا شعر الكاتب، بعد أن كتب خمسمئة صفحة، أن هذا ليس ما كان يريد قوله…
يقول الكاتب أورلندو باروني عن لقاء الكاتبين:
"أعتقد أنهما تصافحا. وعانق أحدهما الآخر. اعتدت أن أتخيل أكثر مما أرى. لا بد أن يكونا قد تبادلا بعض تلك العبارات الشائعة عادة مثل: مرحباً يا بورخيس، كيف حالك يا ساباتو.
واجبي كشاهد، هو أن أسجل الكلماتِ بدقة ولكن، أى امرئ (أي كاتب وأي فنان) يمكن أن يكون قد حلم دائماً بمثل تلك اللحظة، ومن الأجدر أن تكون المشاركة بالمشاعر، لا بالكلمات.
أعلم أنهما قادمان ببطءٍ من رواق البيت، يتأبَّط أحدهما ذراع الآخر. العكاز يتأرجح في يد بورخيس. رأيت ظلين وخلفهما رجلين، وتراءى لي في الظلين والرجلين، الحب والموت، الصراع والفن، أعني: الحياة أمام عيني".
حوارات يوسا وماركيز
تحاوز الكاتبان الأشهر في أمريكا اللاتينية ماريو فارجاس يوسا وجابرييل جارسيا ماركيز حول عدة قضايا متعلقة بالأدب، مثل حركة «البوم» الأدبية، ومهنة الكتابة وبنية الرواية وأعمال عدد من كبار الكتاب من بينهم الأرجنتينيان خورخي لويس بورخيس وخوليو كورتاثر وقد جمع هذه الحوارات الكتاب الذي تم نشره لأول مرة في 1986 ، ويضم مقدمة للكاتب والناقد خوسيه ميغيل أوبييدو وقد صدر تحت عنوان "الرواية فى أمريكا اللاتينية حوار بين جابرييل جارسيا ماركيز وماريو فارجاس يوسا" وإلى مقتطفات من الحوار.
سأل يوسا ماركيز: ما هي جدوى أن تصبح كاتبا؟
ماركيز: لم أكن أصلح لشيء آخر أبي كان صيدلانيا وأراد أن أحذو حذوه ودرست الحقوق ثم اكتشفت ألا جدوى من دراستها كذلك.
يوسا: هل تعتبر تفسك كاتبا للواقعية أم للفانتازيا؟
ماركيز: أعتقد أننى وخاصة فى مائة عام من العزلة كاتب واقعي، كل شيء يمكن أن يحدث فى أمريكا اللاتينية، نحن محاطين بكم كبير من الغرائب والفانتازيا.
يوسا: وكيف ترى كتاب أمريكا اللاتينية ..خورخى لويس بورخيس مثلا؟
ماركيز: هناك شيء غريب يحدث مع بورخيس بالنسبة لى، هو أكثر كاتب أقرؤه ومع هذا فهو أقل كاتب أنا معجب به، من وجهى نظرى فإن بورخيس يعلمك الكتابة، لديه حيل لا تنتهى، لا بد للكتاب أن يطلعوا على ما كتبه ليتعلموا منه ومع ذلك يظل أقل كاتب يثير إعجابى.
دائما أحمل مجموعاته القصصية فى حقيبتى، فأنا أقرأ له كل ليلة، هو كاتب لا أحبه لكنه يسحرنى بطريقته فى التعبير أو لنقل طريقته فى نقل الأشياء والأحداث، إنه يعلمك كيف تضبط آلياتك لتقول ما تريد قوله.