أحاديث الزهور ألحان، تستطيع أن تراها بعينيك، وتسمعها بمشاعرك، وتتشممها عطرا من عبق الحياة، أحاديث الزهور، قصائد عشق، تنبعث من روح عاشق، إنك إذ تتحرك بين الزهور، تتهادى كفراشة، بين أصص الورد، أو تطير كنحلة تمتص من رحيق روحك، المتعطشة للفن تارة، وللجمال تارةً أخرى، تتجول بين أحواضها المترامية الأطراف، لتتسرب نشوة إلى كيانك، إنها رسائل الزهر إلى النفوس، ترسلها في خفة ورشاقة، تتلون بها نفس الإنسان، بأبهج الألوان، وتشيع فيها عبق يملأ الصدر، تراها وقد انعكست على النفس رصيداً وافياً من الحب والأمل، إنه الشعور بالسكينة والطمأنينة، إنها تهمس في أذن الوجود، بكل معاني الرحمة، إنها تدعوك دعوة صريحة للحب، دعوة لتعيد غرس نفسك من جديد بالجمال، أن تطرقك أبواب روحك، لتتجدد فيها الحياة، ليعود إليها الربيع، يشق جداول، ويقسم قلبك إلى أحواض من الورد، تحيط بها أسوار من أشجار السرو.
إن معارض الزهور، متاحف فنية، لكل زهرة تاريخ، من العشق والآهات، من الفرح والشجن، تاريخ طويل من الابتسامات والدمعات، سطرتها القلوب والأكباد من لواعج الأمل والألم.
إنه معمل تٌعيد فيه صياغة نفسك المهملة، تُخبرك أزهارها: إنك لست جسدا وفقط، تقول: أسلك دروب الجمال؛ لتبصر المعاني، لتصلح ما أفسدته الأيام من روحك، انعشها بباقة من ورد، تقول لك: تصوف قليلا، بين الحدائق، أنفخ في روحك من عبيري، ولا تنسى نصيبك منها، أبقى حيا، فلا تمت وأنت على قيد الحياة، أغتنم من معارضها الأناقة النفسية والروحية، ولا تكن نصف انسان.