ووصف المؤرخ عبد الرحمن الجبرتى، فى كتابه "عجائب الآثار فى التراجم والأخبار" أن محاكمة سليمان الحلبى والمتهمين فى هذه القضية كانت غريبة على المصريين فى ذلك الوقت، كما يظهر من نبرة وصفه لإجراءات التحقيقات.
ووصف إجراءات التحقيق كما يلى: "ألفوا فى شأن ذلك أوراقا ذكروا فيها صورة الواقعة وكيفيتها وطبعوا منها نسخا كثيرة باللغات الثلاث الفرنسية والتركية والعربية... لتضمينها خبر الواقعة وكيفية الحكومة (إصدار الحكم)، ولما فيها من الاعتبار وضبط الأحكام من هؤلاء الطائفة (الفرنسيين) الذين يحكمون العقل ولا يتدينون بدين، وكيف وقد تجارى على كبيرهم ويعسوبهم رجل آفاقي أهوج وغدره وقبضوا عليه وقرروه (جعلوه يعترف)، ولم يعجلوا بقتله وقتل من أخبر عنهم بمجرد الإقرار بعد أن عثروا عليه".
ويقول الجبرتي إن حكم الإعدام نُفذ قبل مراسم تشييع كليبر، في حين تقول الوثائق الفرنسية إن تنفيذ الحكم جاء بعد مراسم دفن القائد الفرنسي، وبعد انتهاء المحاكمة وفي صباح 17 يونيو 1800 أعلنت سلسلة من طلقات المدفعية بداية المراسم الجنائزية لتشييع جثمان كليبر في مشهد مهيب، أوردته صحيفة الحملة الفرنسية "كورييه دي ليجيبت" تحت عنوان "مراسم تأبين الجنرال كليبر" في عددها رقم 72 :"منذ أن ودع القائد العام كليبر الدنيا وصوت المدفعية الحزين يدوي كل نصف ساعة، فمنذ الساعات الأولى لليوم الثامن والعشرين من بريريال الموافق مراسم وداعه الأخير، وطلقات المدفعية القادمة من القلعة تتردد من كل الحصون، تعلن اعتزام الجيش تنظيم مراسم وداعه".
وفقا للدكتور محمود متولى فى كتابه "مصر وقضايا الاغتيالات السياسية"، نقلا عن موسوعة "ذات يوم" للكاتب الصحفى سعيد الشحات: "رغم وضع سليمان فوق الخازوق إلا أنه بدأ يصلى، وبعد ساعات أسلم الروح، ونفذ الحكم عند تل العقارب على مشهد من الجنود الفرنسيين وأعيان المدينة، وقام كبير الجراحين الفرنسيين المدعو «لارى» بتشريح جثته بعد إعدامه، واستبقى هيكل رأسه ونقله إلى غرفة التشريح بمدرسة الطب بباريس، كما أن الخنجر الذى قتل به كليبر محفوظ فى مدينة "كاركاسون" بفرنسا، وأودعه سكرتير كليبر «بيروس» بعد عودته من مصر".
يسجل «متولى» ملاحظات على هذه القضية، مؤكدا بربرية الفرنسيين فى تنفيذ حكم الإعدام فى سليمان على النحو الذى تم به، لأن هذه العقوبة لم تكن لتتفق مع مبادئ الجمهورية الفرنسية المستنيرة، وإن كان الفرنسيون أكدوا أن هذه العقوبة تسمح بها تقاليد الحكم فى البلاد «أى فى مصر».. ويرى قسوة الحكم بإعدام المشايخ شركاء القاتل، لأن المحكمة أحيت قانونا فرنسيا عفا عليه الزمن، حيث ادعت أن من يمتنع عن التبليغ عن مؤامرة تدبر ضد سلامة الدولة أو ضد الأمراء والحكام يعتبر شريكا للفاعل الأصلى، أما الحكم ببراءة الشيخ مصطفى أفندى فيراه «ذرا للرماد لأنه شيخ فى الحادية والثمانين، والحكم عليه بالإعدام كان سيخلق منه أسطورة ويجعله بطلا فى نظر شعبه، ومن ثم رأت المحكمة أن تتظاهر بعدالتها بأن تحكم عليه ببراءته».