الأحذية الجميلة تأخذك إلى أماكن أجمل.. أليس كذلك؟
كان ذلك كل ما تستطيع التفكير به وقتها وهى جالسة فى هدوء غريب رغم كل الضجيج الذى يحوم حولها والذى يصيبها ببعض الدوار.
ها هى تحاول النظر لآخر مرة إلى انعكاس صورتها فى المرأة المقابلة قبل قدوم عريسها .. ها هى تبتسم بينما تنظر بإعجاب إلى نفسها من الرأس حتى أخمص القدمين ... تماما كما تخيلت أن تكون.
إنه يومها أخيرا ولن تفكر بأى شىء من شأنه أن ينغص عليها فرحتها... اغمضت جفنيها وكأنها تحاول اقناع نفسها بذلك... حسنا... لم تكف الأمطار عن الهطول منذ الصباح .... كل ما كان يجب أن يتم إنجازه فى الوقت المحدد قد تأخر لأسباب مقنعة و غير مقنعة .. أين الفوتوغرافي؟ كان عليه أن يكون هنا الآن لالتقاط بعض الصور الفردية لها كما تنص العادة قبل أن تبدأ المراسم و ....تبا ....الحذاء يبدو كأنه ضيق بعض الشىء...لم يكن كذلك عندما قمتُ بانتقائه ...كان أكثر شىء حرصت على أن يخلو من أى خطأ ... لم تكن لتخطو نحو حياة جديدة بحذاءٍ يجعلها تخطو خطواتٍ متعثرة و مؤلمة.. رفعت أسفل الفستان العاجى المصمم من قماش التافتاه الأنيق والذى طُرزت على أكمامه و ياقته المفتوحة قليلا زهور اللافندر المفضلة لديها للكشف عن حذائها وكأنها تلحظه لأول مرة ... كان مميزا، أبيض اللون بنقوشٍ صغيرة لامعة على كلٍّ من جوانبه وكعب عال طبعا لإضفاء بعض الشموخ الضرورى لكل عروس.. و لن تهتم حتى إن بدت أطول قليلا من زوجها العتيد ... افلتت ضحكة صبيانية قصيرة، فالفكرة أعجبتها أكثر من اللازم...
و لكن توجد مشكلة .. الألم يزداد شيئا فشيئا ولن يعود المشى مريحا مطلقا وحتى الجوارب الشفافة لم تعد تفى بالغرض ... وتذكرت كيف أن الفرنسيين هم من قاموا بأختراع المقولة الشهيرة عن....
"ماذا؟؟ لم تصل باقة الورود بعد ؟؟ ستبدأ المراسيم فى أقل من ثلاثين دقيقة ...اللعنة ... فليتفقد أحدهم أين فتيات الزهور أنا لا أراهن ...أسرعوا .... "
أفاقت على صوت إحدى أخواتها وهى تصب جام غضبها على أحدهم و تركض فى الممر المؤدى إلى الحديقة للتأكد أن كل شيء يسير على ما يرام
حسنا لا يبدو أن شيئا يسير على مايرام و تفطنت أن باقتها لم تصل بعد.. عادت لتجلس قليلا عل الألم يختفى قليلا عندما دخل بعض أفراد العائلة للتهنئة قبل بدأ المراسم..
ما كان ذلك؟ هذا حذائها و لكن تلبسه إحدى قريباتها؟ نفس الحذاء ولكنه يبدو بشعا!!! أرادت أن تلقى نظرة أخرى عندما بدأوا بالتجمع حولها وهم يطلقون الزغاريد و....لكن ... !!!
ليست الوحيدة ...ها هى فتاة أخرى تلبس نفس الحذاء...وأخرى....... الكل يلبسن حذائها ...لماذا ؟؟؟؟؟
ماذا يعنى هذا ....هذا جنون!
هاهو أحدهم يضع الباقة المتأخرة أخيرا بين يديها...لماذا يجورونها نحو الباب؟ تعلم انه قد تأخر الوقت و لكن كل الحاضرات تلبسن حذائها و لن تتزوج بكعب يلبسنه غيرها!
أليس بإمكانهن ان يتوقفن عن الإبتسام ! فهن يستمتعن بذلك أكثر من اللازم قليلا...عليهن اللعنة!
آآى ... أفلتت منها صرخة ألم ...الكعب يقوم بإرسال طعنات شرسة آلى باطن أقدامها...
خلعته أخيرااا ...
يجب أن تفكر!! نعم!! ....هذا ما يجب أن تفعله !!
...عادت بعض الخطوات آلى الوراء لتتبخر وسط تلك الفوضى... فى الاثناء مازال أحدهم يبحث عن الفوتوغرافى الذى لم يظهر بعد و فتيات الزهور الاتى مازلن ضائعات.