تمر اليوم الذكرى الـ 225 على وصول الحملة الفرنسية بقيادة الجنرال نابليون بونابرت إلى مصر، حيث رست سفن الحملة الفرنسية إلى مياه الإسكندرية إيذانًا بالاقتحام الوشيك للمدينة وبدء الحرب على مصر، وذلك في الأول من يوليو عام 1798.
وحول ما وجده الجيش الفرنسي في عروس البحر المتوسط، يقول الكاتب والمؤرخ أحمد حافظ عوض، فى كتابه "نابوليون بونابارت فى مصر"، والذى أظهر أن الفرنسيين انتظروا مرور نهار اليوم الأول من يوليو، وكانت الساعة الثانية من صباح اليوم الثانى شهدت وضع أقدام الحملة على أرض مصر، عند نقطة تبعد نحو ثلاثة فراسخ من الإسكندرية (المكس) وفى الثالثة بدأ الزحف على الإسكندرية بنحو ثلاثة آليات تحت قيادة كليبر وبون ومورات تحت رياسة القائد العام، بينما كان القائد العام نابليون يسير على قدميه، لأنه لم يكن قد أنزل الخيول القادمة مع الحملة إلا جوادا واحدا.
وكان أهل الإسكندرية قد أزعجهم ظهور الأسطول فى النهار، لكنهم لم يكونوا ينتظرون أن يداهمهم العدو ليلا، إذ أن المألوف عندهم أن الجيوش التى تنزل أرض مصر تأتى من جهة أبى قير، وأنه يلزمها عدة أيام لإفراغ شحن هذه السفن، وتنظيم قوة لمهاجمة المدينة.
وما إن نزل الجنود الفرنسيين فى البر ليلا، حتى أسرع أحد الجنود على فرسه إلى الإسكندرية، وأبلع السيد محمد كريم، والذى أخذ معه نحو 20 فارسا من المماليك الإنكشارية فالتقت هذه القوة الصغيرة عند مطلع الفجر بطليعة الجيش الفرنسى وظنوا أنها كل القوى المعادية فهاجمها الإنكشارية وقتلوا ضابطها وقطعوا رأسه وعادوا بها ظافرين إلى شوارع الإسكندرية.
ويعود الكاتب إلى بونابرات والذى كان مازال سائرا برجاله حتى أشرفوا الإسكندرية فكان أول ما لاح لهم فى نور الفجر عمود السوارى، ثم المنائر والمبانى وصعد نابليون فى الساعة الثامنة صباحا، على قاعدة عمود السوارى لاستطلاع المدينة.
ويوضح المستشار رجائى عطية فى كتابه "دماء على جدار السلطة"، فى عام 1798، وحين كانت الحملة الفرنسية عقدت نيته لاحتلال البلاد، وقررت دخولها عبر بوابة الإسكندرية، انتفض محمد كُريم وأبا ألا تستسلم المدينة، وسارع بتحصين قلعة قايتباى، لصد الأسطول الفرنسى، بقيادة نابليون، وتابع الصيادين والعمال تجهيز حصون الإسكندرية وتقدم المدافعين من فوق القلعة ليرد الفرنسيين عن وطنه، واستقبلوا بصدروهم المدافعية الثقيلة.
لم يهدأ "كُريم" ولم يستسلم بعد نجاح الفرنسيين فى دخول البلاد، وظل ينظم المقاومة الشعبية ضدهم، ولجاء إلى الصحراء لترتيب المجاهدين للانضمام لصفوف المقاومة، حتى اتهمته القيادة الفرنسية بخيانة الجمهورية، وكأنه مكلف بالإخلاص للجمهورية الفرنسية التى تغزو وطنه بغير حق، وتحت بصر وتخاذل الدولة العثمانية.
تم القبض على الفارس النبيل، وفى 5 سبتمبر صدر قرار بأعدامه، وبحسب ما أورده عبد الرافعى فى تاريخه، نصحه المستشرق فانتور كبير مترجمى الحملة، بأن يفتدى روحه ويدفع مبلغ من المال، فأجابه: إذا كان مقدورا على أن أموت، فلن يعصمنى من الموت أن أدفع هذا المبلغ، وإن كان مقدورا لى الحياة فعلام أدفعه.. بالفعل وفى صباح 6 سبتمبر 1798، نفذ الإعدام فى البطل الوطنى بميدان الرميلة بالقلعة، ووضعته الدولة المصرية بعد ثورة 1952 ضمن قائمة حكام الثغر، وأطلقت اسمه على الجامع القائم بجوار سرى رأس التين.