صدر حديثًا عن دار الشروق كتاب "صحوة المحكومين في مصر الحديثة من رعايا إلى مواطنين 1798 - 2011" تأليف محمود حسين وترجمة الدكتور محمد مدكور وهو كتاب يتتبع الخطوات المتعاقبة التي خطاها المصريون، طوال القرنيْن الماضييْن، في مسيرة تحوُّلِهم من رعايا إلى مواطنين.
ويقدم الكتاب نظرة متكاملة، لتاريخ مصر المعاصر، لا تقتصر على المقاييس السياسيّة والاقتصاديّة المعتادة، بل تشمل الأبعاد الدينيّة والنفسيّة لسلوك الجماعات والأفراد؛ يجدّد بذلك فهمنا لثنائيات الحاكم والمحكوم، التقليد والحداثة، الجماعة والفرد، اللاهوتيّة والعلمانية، ويركِّز بشكل خاص على تطوُّر العلاقة بين المحكومين والحكّام، بتسليط الضوء على مفهوميْن جوهريين: أولًا: مفهوم الشرعية المقدَّسة التى طالما تمتّع بها الحاكم فى صورها المختلفة؛ صورة الحاكم بأمر الله، وصورة الزعيم الوطني، وصورة الأب الروحي للجماعة، فلقد شكَّلت تلك الشرعية، في يقين المحكومين، غلالًا باطنيًّا، كبَّل ضمائرهم وشلَّ حركتهم المستقلَّة؛ إذ جعلهم يذعنون نفسيًّا لمبدأ استعبادهم.
وثانيًا: مفهوم الوعي الذاتي، الذى أخذ المحكومون يكتسبونه، خطوة بخطوة، وهم ينسلخون من تلك الهيمنة. وكانت الانتفاضات الرئيسيّة التي قام بها الشعب، من حين إلى حين، هي اللحظات التاريخية المتميّزة التي بزغ فيها إدراك المحكومين لذاتهم ولمصالحهم، وتأكدت فيها إرادتهم المستقلّة، فبعد أن بلورت ثورة 1882 الضمير المصري، ثم بلورت ثورة 1919 الضمير الوطني الديموقراطي للمصريين، بلورت ثورة 2011 ضميرهم المواطني.
يذكر أن محمود حسين هو الاسم المستعار المشترك الذي اختاره المفكران المصريان "بهجت النادي" و"عادل رفعت" بعد استقرارهما بفرنسا في نهاية الستينيات من القرن الماضي فقد وقعا بهذا الاسم أعمالًا ركَّزت على إبراز قدرة الإنسان على تحمّل تبعات إرادته الحرّة.
تمحورت كتبهما الرئيسية حول ملحمتيْن تاريخيّتيْن: صحوة الشعب المصري الحديثة والسيرة النبوية وفجر الإسلام، وقد لقيت أعمالهما نجاحًا منذ كتابهما الأول الذي أكسبهما شهرة عالمية، وقد ترجم إلى العربية بعنوان "الصراع الطبقي في مصر، من 1945 إلى 1968".