تدل الرسومات القديمة فى عهد ما قبل الأسرات، على أن المصرى القديم قد اجتهد فى استئناس الحيوانات التى كانت تربى لمساعدة الإنسان وحمايته كـ "الكلب، والقرد، والقط"، وخلال السطور المقبلة نستعرض أنواع تلك الحيوانات.
الكلب
لقد استؤنس الكلب في مصر منذ عصر ما قبل الأسرات، ولا شك في أن الإنسان في بادئ الأمر قد لاحظ فائدة هذا الحيوان في مساعدته على اقتناص فريسته حتى أصبح إخلاص الكلب وتفانيه في حب صاحبه دافعًا له ليتخذ منه صديقًا، إذ كان حاميًا له، ومدافعًا عن ماشيته عند إغارة الحيوانات المفترسة عليها.
ومن ذلك ما وجدناه في أحد مقابر "مير" من عهد الدولة القديمة لرسم كلب جالس في مؤخرة القارب بجوار الصياد، ويقص علينا "ديدور الصقلي" أن الكلب قد ساعد "إزيس" في العثور على جثة "أوزير" (ربما يقصد «أنوب»)، ولذلك تأتي الكلاب في احتفال عيد إحياء "أوزير" بعد الإلهة "إزيس" تخليدًا لذكرى مساعدتها لها، وقد كان نباح الكلاب النذير بالخطر في الأرياف مما كان يؤكد لرجال الشرطة القائمين بالحراسة في المنطقة بقرب وقوع خطر.
وقد كان الكلب يستخدم كالأسد في ساحة القتال، فعندما كان الفرعون يحصد رءوس الأعداء كان الكلب السلوقي يمزق ثيابهم، توجد أنواع عدة من الكلاب المصرية قد جاءت عن طريق التناسل مع ابن آوى، والذئب، والضبع، وكل فصيلة الكلب الأخرى المتوحشة ومنها الكلب السلوقي، وهو مشهور باقتفاء الأثر، ومهاجمة الغزلان والثعالب، وقد كان مشهورًا في الصيد في الصحراء خلال عصر الدولة القديمة، وتشاهد كلبة في ضيعة العظيم "زاو" من هذا النوع ترضع جراءها الثلاثة ورقبتها محلاة بطوق، ويوجد نوع آخر يشبه الضبع، وفيه كل صفاتها ولا يمتاز عنها إلا بعلو مؤخرته، ولم يرسم هذا الكلب قط جالسًا، وفي وقت الصيد لا يهاجم بل يبقى بالقرب من سيده الذي لا بد أنه كان يستعمله مثل الضبع لاقتفاء الأثر بشم رائحة الفريسة فيرشد سيده إلى مكانها، حسب ما ذكرت موسوعة مصر القديمة" للدكتور سليم حسن.
أما الكلاب العادية في مصر ذات اللون الأسود والأعضاء النحيلة والأذن المنتصبة فيقال إنها هي التي تمثل الإله "نوب"، ولكن ذلك مشكوك فيه جدًا، وهناك أنواع أخرى من الكلاب رسمت على مقابر بني حسن وبخاصة الكلب السلوقي، الذي يشبه الثعلب، ونوع الكلب الذئبي الذي ظهر في عهد الأسرة الثانية عشرة.
القطة
كان قدماء المصريين يربون نوعين من القطط نوعًا عظيم الحجم وهو الذي يمثل الإله "باست"، ويقول "استرابون": إنه لذلك السبب كانت تقدس القطة في كل مصر وتسمى ونوعًا آخر صغيرًا يشبه القطة التي نراها بيننا الآن مستأنسة، وأخذت القطة تعتبر كالقرد حيوانًا مدللًا عند قدماء المصريين في عهد الدولة الحديثة، كما ذكرت موسوعة مصر القديمة للدكتور سليم حسن.
وفي عهد الدولة الوسطى تشاهد القطة مستخدمة في صيد الطيور، وذلك للقبض على الطيور التي اصطادها سيدها، أو لصيدها 180 بقفزة واحدة، وأحيانًا يرسم القط متحفزًا للوثب على فأر.
النمس المصري (أو فأر فرعون)
وهو مضر للتمساح، والحية، والظاهر أنه كان مستأنسًا في مصر حسب قول بعض العلماء منذ الدولة القديمة، وهو يتقمص روح الإله "آتوم" الذي يمثل الشمس الغاربة عند قدماء المصريين، وذلك لأنه يظهر عند الغروب، ويبتلغ الثعبان الذي كان يعتقد أنه يلتهم الشمس عند الغروب "أي الإلهة آتوم".
القرد
تدل الآثار المكتشفة إلى الآن على أن المصري كان يستأنس نوعين من القردة منذ الدولة القديمة نوعًا منها لونه أخضر، وهو كلبي الرأس ويسمى "ميمون" أو "قردوح" وهو عظيم الخلق قبيح المنظر، أما الثاني فيرسم بلون أصفر، وهو أصغر من الأول بكثير، ويلاحظ في رسوم "ميدوم"، أن قردين يلعبان مع طائر من فصيلة أبي مغازل، وقزم، وذلك لتسلية الميت في قبره، كما كان يتسلى به في دنياه، ومن الطريف أن الأقزام كانت موكلة في العادة بحراسة القردة، وفي رسوم أخرى يشاهد القرد مربوطًا في كرسي سيده بطوق أحمر حول وسطه، وقد لوحظ في مقبرة "تسن" من الأسرة الخامسة أن القرد كان يصحب سيده مع الكلاب للصيد، والقنص "على الجدار الشرقي من مصطبة "تسن" بحفائر الجامعة المصرية.