يعد الصوفى الشهير أبو يزيد البسطامى، توفي 261 هجرية، واحدا من أشهر رجال التصوف في التاريخ الإسلامي، فكيف كان حاله وما أشهر مقولاته؟
يقول عنه كتاب سير أعلام النبلاء لـ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي:
سلطان العارفين أبو يزيد، طيفور بن عيسى بن شروسان البسطامى، أحد الزهاد، أخو الزاهدين: آدم وعلى، وكان جدهم شروسان مجوسيا، فأسلم يقال: إنه روى عن: إسماعيل السدي، وجعفر الصادق، أي: الجد، وأبو يزيد، فبالجهد أن يدرك أصحابهما .
وقل ما روى، وله كلام نافع .
منه، قال: ما وجدت شيئا أشد على من العلم ومتابعته، ولولا اختلاف العلماء لبقيت حائرا .
وعنه قال : هذا فرحى بك وأنا أخافك، فكيف فرحى بك إذا أمنتك؟ ليس العجب من حبى لك، وأنا عبد فقير، إنما العجب من حبك لى، وأنت ملك قدير .
وعنه -وقيل له: إنك تمر فى الهواء- فقال: وأى أعجوبة فى هذا؟ وهذا طير يأكل الميتة، يمر فى الهواء .
وعنه: ما دام العبد يظن أن فى الناس من هو شر منه، فهو متكبر. الجنة لا خطر لها عند المحب، لأنه مشغول بمحبته .
وقال : ما ذكروا مولاهم إلا بالغفلة، ولا خدموه إلا بالفترة .
وسمعوه يوما وهو يقول : اللهم ! لا تقطعنى بك عنك. العارف فوق ما نقول، والعالم دون ما نقول .
وقيل له : علمنا الاسم الأعظم. قال : ليس له حد، إنما هو فراغ قلبك لوحدانيته، فإذا كنت كذلك، فارفع له أى اسم شئت من أسمائه إليه .
وقال: لله خلق كثير يمشون على الماء، لا قيمة لهم عند الله، ولو نظرتم إلى من أعطى من الكرامات حتى يطير، فلا تغتروا به حتى تروا كيف هو عند الأمر والنهى، وحفظ الحدود والشرع .
وله هكذا نكت مليحة، وجاء عنه أشياء مشكلة لا مساغ لها، الشأن فى ثبوتها عنه، أو أنه قالها فى حال الدهشة والسكر والغيبة والمحو، فيطوى ولا يحتج بها إذ ظاهرها إلحاد، مثل : سبحانى، وما فى الجبة إلا الله. ما النار ؟ لأستندن إليها غدا، وأقول : اجعلنى فداء لأهلها، وإلا بلعتها. ما الجنة؟ لعبة صبيان، ومراد أهل الدنيا. ما المحدثون؟ إن خاطبهم رجل عن رجل، فقد خاطبنا القلب عن الرب .
وقال فى اليهود : ما هؤلاء ؟ هبهم لى، أى شيء هؤلاء حتى تعذبهم؟
قال السلمى فى "تاريخ الصوفية ": توفى أبو يزيد عن ثلاث وسبعين سنة، وله كلام حسن فى المعاملات .
ثم قال : ويحكى عنه فى الشطح أشياء، منها ما لا يصح، أو يكون مقولا عليه، وكان يرجع إلى أحوال سنية، ثم ساق بإسناد له، عن أبى يزيد، قال : من نظر إلى شاهدى بعين الاضطراب، وإلى أوقاتى بعين الاغتراب، وإلى أحوالى بعين الاستدراج، وإلى كلامى بعين الافتراء، وإلى عباراتى بعين الاجتراء، وإلى نفسى بعين الازدراء، فقد أخطأ النظر فى .
وعنه قال : لو صفا لى تهليلة ما باليت بعدها .
توفى أبو يزيد ببسطام، سنة إحدى وستين ومائتين.