فيلسوف وكاتب فرنسي كان من أبرز المدافعين عن الإسلام والقضية الفلسطينية، هو روجيه جارودى أو رجاء جارودى، الذى تحل اليوم ذكرى ميلاده، إذ ولد في مثل هذا اليوم 17 يوليو من عام 1913م، والذى عرف بنضاله أن يترك البروتستانتية، ويعلن إسلامه، ويناصر القضية الفلسطينية ويعادى الصهيونية.
وقد تعرض روجيه للإدانه من محكمة فرنسية في عام 1998م بتهمة التشكيك في محرقة اليهود في كتابه "الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل" وعن تلك الكتب وغيرها لروجية تحدث يوسف إدريس من خلال كتابه "فقر الفكر وفكر الفقر".
وقال الأديب الكبير يوسف إدريس قائلا: قرأت ترجمةً لكتابه الخطير عن الصهيونية، قرأتُ الكتاب وأنا في حالة من النشوة الغامرة، فها هي ذي الأفكار التي طالما راودتني، وطالَما فكرتُ فيها بيني وبين نفسي، واستبعدتُ أن تكون حقيقية عن دور اليهود في عالم اليوم، ودورهم في عالم الأمس، وعن العصابة التي أخذت شكل شعبٍ يَجعل من العهد القديم وطنه الروحي، يُوقف به عجلات التاريخ ويَدفعها كثيرًا إلى الوراء، ويَغتصب بواسطة تعاليمه المزعومة أغلى قطعة في الوطن العربي، عيانًا بيانًا جهارًا، ويقتل ويسفح دم العرب علنًا أمام الملأ، ويُعربد على ساحة الدنيا دون أن يجرؤ أوروبي أو أمريكي أو أية حكومة غربية أن تقول له: «قف.»
هذه الأفكار وجدتها كلها في كتاب جارودي، ليس هذا فقط، بل بصبر العالم والمفكِّر وبحسِّه الدءوب، استطاع جارودي ليس أن يُورد تلك الأفكار المَجنونة فقط، بل وأن يردَّ عليها ويكشف زيفها ويهدم الأُسس التي اتَّخذوها لبُنيان نظريتهم الكاملة عن أنهم «شعب الله المختار» أو «الأسمى» الذي من المحتَّم — في رأيهم — أن يسود العالم كله ويَحكمه، من خلال حكمهم لأقوى دولة فيه، من ناحية أخرى استغلال قوة وإمكانيات تلك الدولة واختلاق وطن قومي لليهود في فلسطين تخضع له المنطقة العربية والشرق أوسطية كلها، وتدين له بالطاعة، ومنه تقوم إمبراطورية يهودية لا تحكم المنطقة فقط، وإنما تحكم وتتحكَّم بالعالم بأسره، بشرقه وغربه، وشماله وجنوبه.
هالني أن الأفكار التي كانت تُراودني عن أحلام اليهودية العالمية وطموحاتها، والتي كنت أعتقد أنها كوابيس شخصية تُراودني، هالني أن أجدها حقائق عند جارودي … والذي هالني أكثر أن تلك الأحلام اليهودية لا يُمكن أن تصمد أمام أي منطق ولو بسيط، يناقشها، بل لا تصمد حتى أمام مناقشة طفل وبمنطق الأطفال محتوى تلك الأحلام والتشنُّجات العصبية المجنونة، ومع هذا استطاع اللوبي اليهودي في فرنسا وفي كل مكان من أوروبا وأمريكا، وحتى في بعض دول العالم الثالث غير المُنحاز، استطاع أن يجعلها حقائق مُسَلَّمًا بها ولا تقبَل جدلًا ولا مناقشة، إلى الحد الذي لا يكتفي فيه اللوبي اليهودي في فرنسا بإشاعتها حتى يؤمن بها الفرنسيون إيمانهم بالأديان أو بالعالم، وإنما حمايتها أيضًا من التصدي لها أو مناقشتها، بحيث يَنجح اللوبي اليهودي العنصري في خلق رأي عام ينجح في جعل ما يُسَمَّى ﺑ «العداء للسامية» جريمة يستحق المواطن عليها المحاكمة، وتَصدُر ضده الأحكام، في حين أن الإلحاد نفسه في تلك الدول المسيحية الكاثوليكية لا يُعتبر جريمة، والكفر والإيمان بالعلم لا يُعتبَر جريمة، ومعاداة الدولة الفرنسية وسب رئيس الجمهورية الفرنسية لا يُعتبَر جريمة، لا شيء خاص بالرأي أو إبداء الرأي في فرنسا يُعتبَر جريمة، الرأي الوحيد الذي يُعتبر جريمة بشعة هو أن يقول أحد رأيه في اليهود أو في معتقداتهم، أو يتصدى لأحلام الصهيونية العالمية، أو أحيانًا ينقد إجرام الدولة الإسرائيلية إذا قرن هذا الإجرام بكونها دولة يهودية.