يا بلادي تلفَّتَ الثَّقلانِ ... كبُرَ المجدُ فوق هامِ الزّمانِ
وارتدى الأفقُ هيبةً من يُنادي ... ني هلُمّوا هذا السّنا عُنواني
فأنا في ذُرى المَجرّاتِ نورٌ ... وسراجٌ لمجملِ الأكوانِ
أيُّ مرْقًى لي صهوةٌ أيُّ فضلٍ ... يا لفخرٍ قد هلَّ للإنسانِ
وأنا مَن بيتُ الإلهِ بقلبي ... وضلوعي تضمُّه بحنانِ
وذراه العُلا وبنيانُهُ المعْـــــ ... مورُ يضفي نورًا على البُنيانِ
ها هنا قبلةُ الوَرى في شِعابي ... والأماني في ظلِّها الفَيْنانِ
مِشعَلُ الحقِّ والهدى في يَميني ... واستضاءتْ بالمُصطفى أركاني
مَرحبًا ألفُ مرحبًا ردّدتْها ... في وهادي أَعلى الذُّرى والمَحاني
وأجابتْها في المدى فرحةٌ نا ... لتْ مداها في خافِقي وكَياني
أيُّ يومٍ يا مكَّتي هلَّ بشْرًا ... وتباهتْ ساعاتُه والثّواني
يومَ أنْ عانقَ الإلهُ السَّماوا ... تِ بأرضٍ .. شَوقانِ يلتقِيانِ
سبَّحتْ في العُلا ملائكةُ الـــ ... لَّهِ حبورا للواحدِ الرّحمنِ
وسحاباتُ الخيرِ تهمي ثقالًا ... والعطايا تسري إلى الظّمآنِ
وتباشيرُ المُصطفى تتوالى ... والسّجايا تَتْرى على أجْفاني
ها هو الفجرُ باسمٌ يتغنَّى ... والصّباحُ الوليدُ كالنَّشوانِ
قبّلَ الأفقَ نشوةً في هيامٍ ... فعناقٌ يَسيلُ بالتَّحنانِ
ذاك (طهَ) يخطو على جنَباتي ... ذاك (طه) يعلو على الأقرانِ
الأمينُ الأمينُ يسطعُ شمسًا ... وفلولُ الظلامِ في ذَوَبانِ
يا (محمّدْ) اقرأْ ولألَأَ ضوءٌ ... وتعالتْ شمسُ الهدى في العَنانِ
والهتافاتُ مِن مدى الكونِ تتلو ... في سماعِ الزّمانِ أحلى البيانِ
ها هو الوحيُ مِن أعالي الأعالي ... ها هو النّورُ قد سَرى للعَيانِ
ضمّهُ الوحيُ مرّةً ثمّ أخرى ... وتلاقى نورانِ متّصلانِ
يا (محمّدْ) .. أنت الرّسولُ فبلِّغْ ... شفتانِ بالوحي تَرتعشانِ
* * *
دَثِّريني .. تلهّفتْ مُقلتاها ... دثّرتْه بقلِبها المُتفاني
مسحتْ بالتَّحنانِ جبهتَه من ... عرقٍ مسكٍ كانفراطِ الجُمانِ
يا ابْنَ عمِّي .. ودثَّرتْهُ حنانًا ... وعيونُ الرِّضا عليهِ حَواني
يا لها مِن عقلٍ لبيبٍ وفهمٍ ... شقَّ سِترَ الغيوبِ والأذهانِ
عرفتْ أنَّهُ الرّسولُ بلا ريْــــ ... بٍ ومعصومٌ مِن أَذى الشّيطانِ
ذاك وحيُ الإله يأتي و(طه) ... سيّدُ الرُّسلِ، خاتِمُ الأديانِ
تلكَ أمُّ الزّهراءِ مَن مثلُها في ... قدرِها .. حسبُها رِضا الدَّيانِ
ورفيفُ الملاكِ جذلانُ يأتي ... لحبيبِ الإلهِ بالقرآنِ
فتلقّى من ربِّهِ ما تلَقّى ... مِن كتابٍ مُنجَّمٍ بالأوانِ
مُحكَمٍ في تبيانِه وفصيحٍ ... عربيٍّ مفصّلٍ بالمعاني
* * *
أيُّ خلْقٍ سوى الإلهِ كمالًا ... وضياءً يَسري معَ الأزمانِ
أذِنَ اللهُ بالرّحيلِ لحِينٍ ... ومضى في دربِ الهُدى الصّاحبانِ
مِن بقاعٍ هي الهَوى لبقاعٍ ... هي عندَ الإلهِ أغلى مكانِ
كان في الغارِ رحمةً ثانِيَ اثنيْـ ... نِ ويَجلو مكامِنَ الأحزانِ
هجرةٌ بعدَها رِضا وفتوحٌ ... ثمَّ عوْدٌ في عزَّةٍ وأمانِ
و(سُراقَهْ)، قدْ هزّهُ الرّعبُ والمُهْـــ ... رُ كبا، إذْ ساختْ له حافرانِ
عرفَ الحقَّ ثمَّ عاد بوعدٍ ... و(السِّوارُ) حكايةُ الرُّكبانِ
والطّريقُ الطّريقُ يزهو جلالًا ... واشرأبَّتْ جبالُه في افتتانِ
ذاك نورُ الكونينِ شعَّ بهاءً ... ورمالٌ جذْلى منَ الهيَمانِ
عانقتْهُ الأرواحُ وهْيَ فداءٌ ... وتسامى النّشيدُ في الآذانِ
مرحبًا يا خير الوَرى بقلوبٍ ... فاض منها معنى الهوى الرّبَّاني
تلكُمُ الأنصارُ الميامِنُ بذْلًا ... ووفاءً أهلُ الوغى والطِّعانِ
ثمَّ آخى الرّسولُ بينَ رجالٍ ... صدَقوا ما قدْ عاهَدوا بتَفاني
وتجلَّتْ (بدرٌ) فهذا (عليٌّ) ... في رحى الحربِ قاهرُ الشُّجعانِ
برقُه يهوي بالمنايا ويَروي ... رمحَه مِن مَقاتلِ العُدوانِ
وتراءتْ أرضُ الوغى فإذا (حمـــ ... زَةُ) يَسقيها بالنَّفيسِ القاني
تلكَ (بدرٌ) أقمارُها قد أضاءتْ ... صفحاتِ التّاريخِ للفُرسانِ
تلكَ (بدرٌ) لم تُبْقِ للكفرِ أرضًا ... وانطوى في بئرٍ مِنَ النِّسيانِ
وتلتها (بدريَّةٌ) ثمَّ أُخرى ... والصّدى ترجيعٌ لصوتِ الأذانِ
وأنا مَن شقَّ الزّمانَ بنهْرٍ ... مِن رجالٍ روَوْا جديبَ المعاني
أيّ (صِدِّيقٍ) في المَلَا كــ (أبي بكْـــ ... رِ) المُلِمّاتِ ما لَه مِن ثاني
و(أبو حفصَ) فيصلٌ في يد العــ ... دْلِ ِسنانٌ للحقِّ والإِيمانِ
والنَّدى (ذو النُّوريْنِ عثمانُ) يتلو ... واللّيالي تُضيءُ بالفُرقانِ
و(عليٌّ) بابُ العلومِ تلَقَّى ... سرَّها مِن يُنبوعِها النُّوارني
همْ صِحابٌ للمصطفى، فتحوا الأ ... مصارَ أُسْدًا بمُحْكَمِ التِّبيانِ
حيثما ساروا نجمةٌ للحَيارى ... حيثما حلُّوا دوحةٌ وأماني
هم سيوفٌ أرادَها اللهُ تَفْري ... كلَّ كُفْرٍ في دولةِ البُهتانِ
فتهاوتْ في ذِلَّةٍ وهوانِ ... هيبةٌ للطاغوتِ والأوثانِ
يا مناديَّ هل تمثَّلتَ مجدي ... في ثنايا التّاريخِ والأوطانِ؟
جئتُ والعزُّ إخوةً في المعالي ... وأنا والنُّهى معًا صاحبانِ
وحباني الإلهُ هديَ رسولٍ ... فحماني مِن غَدرَةِ الحِدْثانِ
فصلاةٌ مِنَ الإلهِ عليه ... كلَّ حينٍ ملءَ المدى والزَّمانِ