تمر اليوم ذكرى انتصار المسلمين في الأندلس على جيوش قشتالة فى معركة الأرك، وهى معركة وقعت فى 18 يوليو 1195 (9 شعبان 591 هـ) بين قوات الموحدين بقيادة السلطان أبو يوسف يعقوب المنصور وقوات ملك قشتالة ألفونسو الثامن، والتي تسببت فى توطيد حكم الموحدين فى الأندلس وتوسيع رقعة بلادهم فيها.
وكان انتصار المسلمين فى هذه المعركة فى توطيد حكم الموحدين فى الأندلس وتوسيع رقعة بلادهم فيها، وقد اضطر ألفونسو بعدها لطلب الهدنة من السلطان الموحدى أبى يوسف المنصور ووقعت المعركة قرب قلعة الأرك، والتى كانت نقطة الحدود بين قشتالة والأندلس فى ذلك الوقت ولذا ينسب المسلمون المعركة لهذه القلعة.
والأرك حصن كبير موجود في جنوب طليطلة ويعتبر الحدود بين قشتالة والمسلمين في الأندلس في ذلك الوقت، أعد ألفونسو الثامن جيشاً استعان فيه بمملكتي ليون ونافار وبجيوش ألمانيا وإنجلترا وهولندا، حتى بلغ جيش الصليبيين في هذه الموقعة (225 ألف صليبي)، وكان معهم جماعات كبيرة من اليهود في الجيش، من أجل أن يشتروا من الصليبيين أسارى المسلمين، لأنهم متوقعون نصراً كبيراً جداً وسيكون فيه أسرى كثير من المسلمين، ومعلوم أن اليهود طوال التاريخ معهم أموال ضخمة، حتى في عصر دولة الأندلس كانت معهم أموال كثيرة، فأرادوا أن يشتروا بها المسلمين الأسرى من أجل يبيعوهم بعد ذلك في أوروبا.
ويفسر كتاب "الأندلس من الفتح إلى السقوط" أسباب وقوع تلك المعركة، حيث أكد أنه بعد أن قضى أبو يوسف يعقوب المنصور على ثورة بني غانية فكر ماذا يفعل في بلاد الأندلس حتى يعيد الأمر إلى نصابه؟ فرأى أن أكبر قوتين هما قوة قشتالة والبرتغال، لكن قوة البرتغال كانت أشد وأقوى، فعمل اتفاقية مع قشتالة عاهدهم فيها على عدم الحرب لمدة عشر سنوات، ثم اتجه إلى مملكة البرتغال، فتحارب معها حروباً شديدة وانتصر عليها أكثر من انتصار، وحررها بكاملها فعادت من جديد للمسلمين، لكن قبل أن يكتمل له تحريرها نقض ملك قشتالة العهد، وبدأ يعيث في الأرض فساداً، وينطلق على أراضي المسلمين مخالفاً الهدنة التي عقدها معه أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي، فبعث ألفونسو الثامن -أحد أحفاد ألفونسو السادس - رسالة إلى يعقوب المنصور الموحدي يستفزه فيها بالقتال ويهدده.
وقبل المعركة بدأ المتطوعون فى الجيش الموحدى فى التقدم قليلًا لجس النبض واتبع القشتاليون نظامًا متميزًا وذكيًا وهو نزول الجيش على دفعات كلما ووجه الجيش بمقاومة عنيفة واستبدال مقدمة الجيش بمقدمة أخرى فى كل مرة يقاومون فيها، أرسل القشتاليون فى باديء الأمر 70 ألف فارس وصفهم ابن عذارى فى كتابه البيان المغرب فى اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب كبحر هائج تتالت أمواجه وقد رد الموحدون المسلمون هجمة الجيش الأولى فما كان من القشتاليين إلا أن أمروا بإرسال دفعة ثانية وقد قاومها الموحدون مقاومة قوية جدا مما حدا بلوبيز دى هارو بإرسال قوة كبيرة لتفكيك مقدمة الجيش والقضاء عليها.
رد المسلمون هجمات القشتاليين مرتين، ولكن العرب والبربر استنفدوا جميع قواهم لرد هذا الهجوم العنيف، وعززت قوات القشتاليين بقوى جديدة وهجموا للمرة الثالثة، وضاعفوا جهودهم، واقتحموا صفوف المسلمين وفرقوها، وقتلوا قسمًا منها وأرغم الباقون على التراجع واستشهد آلاف من المسلمين فى تلك الصدمة منهم القائد العام أبو يحيى بن أبى حفص الذى سقط وهو يقاتل بمنتهى البسالة. واستمر القشتاليون فى هجومهم وأخذوا يخترقون الجيش حتى وصلوا إلى قلب الجيش الموحدي.