تمر اليوم ذكرى ميلاد القائد المقدونى الإسكندر الأكبر إذ ولد فى مثل هذا اليوم 20 يوليو فى مدينة بيلا قرابة سنة 356 ق.م، وهو أحد ملوك مقدونيا الإغريق، ومن أشهر القادة العسكريين والفاتحين عبر التاريخ، وخلال السطور المقبلة نستعرض آخر سنة ونصف من حياة هذا القائد العسكرى الشهير.
يقول الكاتب كارول جي توماس فى كتابه "عالَم الإسكندر الأكبر"، ترجمة خالد غريب علي، المنشور على منصة هنداوى: كان الإسكندر، خلال آخِر سنة ونصف سنة من حياته، أكثر انشغالًا بنتائج حملته الناجحة منه بتجريد حملات أخرى، وإنْ كانت ثمة مصادر تروي أنه كان يخطِّط لحملات جديدة كالإبحار حول شبه الجزيرة العربية. أسَّسَ الإسكندر أيضًا المزيد من المستوطنات.
كان شاغله الأكبر محاربيه القدامى والرجال الذين أسند إليهم مهمةَ العمل على استتباب الأوضاع والحكم، وكان بعضهم غير كفء للمهمة أو غير مخلص للملك أو الاثنين معًا. وأثناء الإقامة في شوشان، تُوِّجَتِ العلاقات الغرامية التي جمعت كثيرين من جنوده بنساء آسيويات "يذكر آريانوس أنهم كانوا أكثر من 10 آلاف" بالزواج، وكان الإسكندر نفسه يقدِّم هدايا الزفاف. وقدَّم أيضًا شكلًا آخَر من الهدايا بسداده ديون الجيش التي بلغ مجموعها 20 ألف وزنة، تزوج الإسكندر أيضًا وأصحابه المقربون بنات عائلات فارسية كبيرة؛ إذ تزوَّج الإسكندر نفسه ابنة داريوس الكبرى، والابنة الصغرى لنبيلٍ فارسيٍّ من فرع آخَر من فروع الأسرة المالكة الفارسية. ويذكر آريانوس زيجات هفایستیون وكراتيروس وبيرديكاس وبطليموس ويومينس ونيارخوس وسلوقس، ويفيد بعقد نحو ٨٠ زيجة مماثلة بين أصحاب آخرين وبنات نبلاء الفرس والميديين.
وتابع "كارول جى توماس": لكن شوشان شهدت التئامًا آخَر بوصول 30 ألف شاب آسيوي بعد تدريبهم على الطريقة المقدونية؛ إذ أسفرت تداعيات هذا الوصول عن مزيد من التمرد في صفوف جيشه المقدوني، عندما أعلن الإسكندر أنه بصدد تسريح عددٍ كبير من محاربيه القدامى وإعادتهم إلى مقدونيا. استقبل كثيرون من المقرر تسريحهم هذا الإعلان بغضب ساخر، مطالبين إياه بتسريح جميع المقدونيين ومواصلة الحرب بمساعدة أبيه "الحقيقي" الإله آمون. ولم يكونوا أيضًا راضين كل الرضا عن صحبه الآسيويين الجدد. كان أول رد للإسكندر أن أمَرَ باعتقال رءوس التحريض وقتلهم، ثم ألقى خطابًا غاضبًا وبَّخَ فيه البقيةَ، واختتمه بكلمة «انصرفوا!» وذهب عنهم، أبدى قدامى المحاربين ندمَهم واسترحموا مليكهم، فصُولِحوا بمأدبة ضخمة، وبعدها كان نحو 10 آلاف محارب قديم متأهِّبين للعودة إلى مملكة مقدونيا تحت قيادة أحد كبار قواد الإسكندر، وهو كراتيروس.
كان تدبير إدارة الإمبراطورية التي ظفر بها الإسكندر حاجةً أخرى مُلِحَّة؛ إذ كان كثيرون ممَّن تركهم وراءَه في مواقع السلطة يعتقدون على ما يبدو أنه لن ينجو من حملته الشرقية، فحُوسِب عددٌ منهم وعُوقِبوا واستُبدِلوا، لم يكن الأفراد وحدهم بحاجة إلى ترتيب، بل كانت أقاليم بأكملها خارج نطاق الإمبراطورية الفارسية السابقة تحتاج إلى ترتيب أوضاعها، وخصوصًا اليونان؛ ففي أواخر ثلاثينيات القرن الرابع، جمع الملك الإسبرطي أجيس بين هدفِ استعادةِ قوة إسبرطة وهدفٍ ثانٍ هو القضاء على السيطرة المقدونية على اليونان، ولتحقيق هاتين الغايتين، نجح في حشد جيش من المشاة قوامه 20 ألف رجل، بالإضافة إلى 10 سفن وأموال من بلاد فارس، وكان في أثينا جندي محترف يشغل منصب القائد العسكري منهمكًا في حشد ائتلافٍ ضد المقدونيين سنة 324 وعلى مبعدة أكبر من ذلك، يُروَى أن وفودًا من شعوب منطقة البحر المتوسط والشعوب الأوروبية جدَّتْ في التماس هذا الفاتح الشاب المذهل.
تدخل الموت ليختصر هذه الجهودَ ويربكها ففي البداية جاء موتُ الرجل الذي صار أقرب صديق ومعاون له، وهو هفایستیون، في أواخر 324، ممَّا أحزن الإسكندر حزنًا عظيمًا وسرعان ما أصابت الإسكندر نفسه حمَّى في ربيع 323 ، فمات في يونيو "الثالث عشر من الشهر هو التاريخ المقبول عمومًا" قبيل عيد ميلاده الثالث والثلاثين.