في أوائل عصر الأسرة الثالثة نجد أنه قد حل محل القبر الذي يعلوه بناء آخر من اللبن في عهد الأسرتين الأوليين بناء آخر من اللبن على شكل مستطيل عظيم الحجم في غالب الأحيان، ويطلق عليه العامة لفظة مصطبة، ويختلف شكل المصطبة في هذا العهد عنها من قبل، فقد أصبح بناء المصطبة مستطيلًا وجدرانه من الحجر الجيري المهذب الذي أخذ ينتشر، أما داخل هذا المستطيل فكان يملأ بالحصى وبقايا المباني، وكان أحيانًا يبنى في هذا المستطيل بعض مبان باللبن لتمنع شدة الضغط على السور الخارجي الذي يحيط بالمصطبة.
ومنذ ذلك العهد كان لا يقام الباب الوهمي إلا في الجهة الشرقية، وقد تحتوي المصطبة على أكثر من باب واحد، وذلك حسب عدد من دفن فيها، كما ذكرت موسوعة مصر القديمة للدكتور سليم حسن، فإذا كانت زوجة المتوفى مدفونة معه في مصطبته أقيم فيها بابان وهميان، وكان في العادة باب الزوجة أصغر حجمًا من باب الرجل، وقد جرت العادة أن يكون باب الزوجة في الجهة اليسرى من المصطبة، وكان الباب الوهمي يصنع من قطعة أو قطعتين فأكثر من الحجر الجيري المجلوب من طرة أو من الحجر المحلي حسب ثراء المتوفى ومركزه في البلاط الملكي، وكان يثبت في أصل الجدار الشرقي من المصطبة كما ذكرنا، وقد كان الغرض منه إرشاد القرين أو الروح المادية «كا» إلى المكان الذي وضعت فيه الجثة أي حجرة الدفن لتنضم إليها بعد الموت، إذ بها كان المتوفى يحيا ثانية في القبر.
الغرض من الباب الوهمي
وقد كشف في سقارة عن مقبرة رئيس وزراء الملك "ودمو" ويدعي "حم كا"، وهي تحتوي على مبنى علوي مؤلف من ٤٢ حجرة خاصة بكل الأدوات المأتمية من مأكولات، وأسلحة وأوان، وكل ما يحتاج إليه المتوفى في حياته حسب اعتقاد المصريين في ذلك العهد.
وكانت جدران القبر الخارجية مزينة بأبواب وهمية، أو كما يعبر عنها بعض علماء الآثار بواجهة أبواب القصر الملكي، كما أكد الدكتور سليم حسن فى موسوعته مصر القديمة، والظاهر أن المصري كان يعتقد أن لكل من محتويات هذه الحجرات قرينًا، أو روحًا مادية يتقمصه كما يتقمص القرين جسم المتوفى في حياته الثانية، وإلا فليس لوجود هذه الأبواب في واجهة كل حجرة أي تفسير آخر، إذ هي في الواقع المرشد للقرين عن مكان الجسم الذي لا بد من أن يتقمصه ليحيا حياة ثانية.
وكان الباب الوهمي في بادئ الأمر خاليًا من كل نقش ثم كتب عليه اسم المتوفى، وبعد ذلك نقشت عليه صلوات دينية، وتضرعات للمتوفى، وبعد ذلك تدرج فرسم عليه المتوفى، وزوجته وبعض أفراد أسرته، وبخاصة الابن الأكبر، الذي أخذ يلعب دورًا هامًّا في تقديم القرابين لوالده منذ الأسرة الرابعة. وفي النهاية كان يرسم في الجزء الأعلى من الباب الوهمي المتوفى وحده، أو هو وزوجته، وأمامه مائدة قربان صور عليها كل ما لذ وطاب من أنواع المأكولات والشراب.