نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية، بمشاركة الشعراء مؤيد نجرس من العراق، ونور موصولي من سوريا، وأحمد حافظ من مصر، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر، قدمها الشاعر عبدالله أبوبكر الذي أشاد بفعاليات بيت الشعر بدائرة الثقافة، ودورها في تنشيط الحركة الثقافية في ظل الدعم السخي من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة للشعر والشعراء .
وقد حلق شعراء الأمسية في فضاء نجوى الذات، وخاطبوا الأوطان، وغنوا للحب والجمال، وطافوا بكلماتهم الشعرية المتقدة في متاهات الحلم، فجاشت قلوبهم بالمواجد والعاطفة الرقيقة، وقد تفاعل معهم الحضور وأشادوا بأدائهم الشعري العذب.
في بداية الأمسية قرأ الشاعر مؤيد نجرس قصيدة بعنوان "رصيف الغربة " التي استهلها بذكر المدن التي تسكن وجدانه، والتي هي في حقيقية الأمر ترمز للوطن، ثم تنهمر مخيلته في استرجاع ذكرياته مع الأصدقاء والأحبة في مشهد شعري مركب، موظفاً لغته في المزج بين جماليات المكان والزمان، فيقول:
الآن والمدنُ الأولى معي تَسهر
وأصدقاءٌ بكى ذكراهم الدفترْ
أسماؤهم ومعانيها تُصاحبني
وتشتلُ الصحوَ في تذكارنا .. المُضمرْ
ومن ملامِحهم.. عصفورُ ذاكرتي ..
على احتدامِ الثواني وحده يُزجرْ
ثم ألقى نصاً أخر بعنوان "ذاكرةُ البخور" الذي يوجه من خلاله خطابه الشعري إلى أمه، فيمعن في تجسيد مشاهد ناطقة عبر استدعاء الذكريات بصورة جمالية معبرة:
بذهنِ الياسمينِ بخورُ أُمي
أحاطَ بغيمِ نكهته جِهاتي
بأرجائي يزجُ نداهُ حيناً
وحيناً ...في خضّمِ الذكرياتِ
وما جدى اشتعالي وانفعالي
أذا نضبتْ ( دللّولُ *) أُغنياتي ؟
أنا رمقُ الدروب .. إلى لقاء
تنفسَه الحنينُ إلى رئاتي
وقرأت الشاعرة نور الموصلي من قصيدة " أفقان من زمهرير ونار " التي تمثل تجليات في مدار العاطفة والوجد، تعبر فيها بأسلوب بصري ينضح بجمال الإيقاع، ويمتزج باللغة العذبة الجميلة:
مغلقٌ بابُ هذا المساءِ
وظلِّي هنا عالقٌ
بين أفْقين من زمهريرٍ ونارْ
والزَّمانُ يدقُّ مساميرَهُ في يديَّ
ويركضُ حولي
دوارٌ... دوارْ
أرتقيتُ على غيمةٍ
أم سقطتُ من الشَّمسِ؟
لا أذكرُ..
كيف تنبتُ في صدرِ هذا الفراغِ خطاي؟
ووجهُ المدى أحمرُ
ثم قرأت قصيدة أخرى حملت عنوان" مواسم نور" التي تنسج من خلالها غلالة رقيقية من المواجد العذبة في صفحة الحب الإنساني، تعكس قوة العاطفة، وقدرة الشاعرة على العزف بأساليب تعبيرية متناغمة فتقول:
أنا يا وحيدي
تخفَّفت من كلِّ أفْقٍ سواك
يحفُّ بصدري
فممَ تغارُ
ووسع سمائك تعلو وتعلو
حماماتُ عمري؟
وألقى الشاعر أحمد حافظ ، ثالث شعراء الأمسية قصيدة " كَــذَا.. أُحِبُّ خيالي" التي تتعدد فيها أغراضه الشعرية، ويستقرئ فيها غده برؤية صافية، ومناجاه تعبر عن ذاته الإنسانية بأسلوب غير تقيلدي في الصورة والخيال فيقول:
عينايَ نافِذَتَا حُلمٍ وأخيلةٍ
لكنَّ رأسي صُندُوقُ الأباطيلِ
أرى حياتيَ حينًا وهْيَ مُذهِلةٌ
ودائمًا ما أراها غيرَ مذهولِ
حتى كأنيَ من فرطِ السُّكُونِ
صَدًى لِمَا يجولُ بأحلامِ التماثيلِ
فما الذي سوف يعنيني بشأنِ غدي
إذا رَمَاني سؤالي للمجاهيلِ!
ثم قرأ من قصيدة " لا أحَدَ سيأتي" التي يترجم خلالها مشاهد غنية تمور في أعماقه فيقول:
في أرضٍ يعمُرُها البُسطاءُ وُلدتُ
وفي الغِيْطَانِ الوارفةِ نَـمَـا عُودي
وجَرَتْ كالمُهرةِ أيامي..
آمنتُ بفكرةِ نَهْرٍ في روحي
وردمتُ الآبارَ الجافَّةَ
ومشيتُ على آثارِ خُطَى الآباءِ بأغنامي..
أتصفَّحُ صحرائي
وأسمِّي الأشياءَ بأسمائي
وأُروِّضُ ذُؤباني وظِبائي
وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي، شعراء الأمسية ومقدمها.