الحضارة المصرية القديمةمليئة بالحكايات والأسرار، التى يتم الكشف عنها من خلال العديد من الأبحاث والحفائر التى تقوم بها الدولة المصرية، متمثلة فى وزارة السياحة والآثار، وخلال التقرير التالى نسرد حكاية البئر الوهمى أو البئر الكاذب وسبب حفره والذى يوجد داخل المقبرة.
نجد أن فى عصر الدولة القديمة كان يوجد خلف كل باب وهمى داخل المقابر يوجد البئر الذى كان يؤدى إلى حجرة الدفن، وكان يصل عمقه أحيانًا إلى نحو أربعين مترًا، وهذه الآبار كان الجزء العلوى منها مبنيًّا بالأحجار إلى أن يصل إلى الصخر فينحت فيه إلى العمق المطلوب، ثم تنحت في النهاية حجرة الدفن فى إحدى جوانب البئر.
وكانت مساحتها تختلف حسب مقدرة المتوفى، فكانت تبلغ أحيانًا 7 فى 6 مترًا، وكان يدفن المتوفى إما على رقعة الحجرة مباشرة، أو في تابوت من الحجر الجيري، أو الجرانيت حسب الأحوال، وكان يوضع حول هذا التابوت كل الأثاث المأتمى الذى كان يظن المتوفى أنه فى حاجة إليه فى آخرته. وأحيانًا كانت توجد حجرة الدفن سليمة لم يمسها إنسان من قبل، ومع ذلك لم نجد مع المتوفى أي أثاث مأتمي مع أنه كما نستنتج من ألقابه ودقة صنع مقبرته من علية القوم، وليس هناك أي شك بعد ذلك في أن موضوع وضع الأثاث المأتمي في حجرة الدفن كان يتوقف على الاعتقادات الدينية لصاحب المقبرة نفسه، كما قال الدكتور سليم حسن بموسوعته مصر القديمة.
أما عن البئر الكاذب وسبب حفره، فمن المدهش أن الحفائر التي عملت في منطقة الأهرام حديثًا كشفت لنا عن ظاهرة جديدة: فقد وجد بجوار البئر التي تؤدي إلى حجرة الدفن بئر أخرى لا تؤدي إلى حجرة دفن، وتعم هذه الظاهرة في أكثر من مائة وخمسين مصطبة، أي أنه يوجد بجوار البئر الحقيقية بئر أخرى لا تؤدي إلى حجرة دفن، ولا يعرف السبب الذي من أجله حفرت، وقد ظن البعض أنها بئر قد ابتدئ فيها ولكن لم يكمل حفرها، غير أن تكرار هذه الظاهرة يدحض هذا الزعم. وفي اعتقادنا أنها بئر وهمية للمصطبة، حسب موسوعة مصر القديمة، كما أن لها بابًا وهميًّا، وكما أنه كان للمصطبة باب وهمي تدخل منه القرينة (الروح الجسمية) لتحل في الجسم وتغذيه حتى لا يموت أبدًا، كذلك كان للجسم ظل "خو" كما يعبر عنه المصريون، مقره البئر الوهمية يصل منها إلى الجسم الحقيقي، ويحل محله إذا أتلفه الدهر، وبذلك كان المصري يحتاط لنفسه من كل الوجوه. وإلا فليس هناك أي تفسير آخر لهذه البئر الوهمية، على أن وجود هذه البئر كان شائعًا في الدولة القديمة، وبخاصة عند علية القوم. كما تدل على ذلك مقابر أهرام الجيزة، ومنطقة سقارة.