عاشق من فلسطين
عيونك شوكة فى القلب
توجعنى.. و أعبدها
و أحميها من الريح
و أغمدها وراء الليل و الأوجاع.. أغمدها
فيشعل جرحها ضوء المصابيح
و يجعل حاضرى غدها
أعزّ على من روحي
و أنسى، بعد حين، فى لقاء العين بالعين
بأنّا مرة كنّا وراء، الباب ،إثنين!
كلامك كان أغنية
و كنت أحاول الإنشاد
و لكن الشقاء أحاط بالشفقة الربيعيّة
كلامك.. كالسنونو طار من بيتي
فهاجر باب منزلنا ،و عتبتنا الخريفيّة
وراءك، حيث شاء الشوق..
و انكسرت مرايانا
فصار الحزن ألفين
و لملمنا شظايا الصوت!
لم نتقن سوى مرثية الوطن
سننزعها معا فى صدر جيتار
وفق سطوح نكبتنا، سنعزفها
لأقمار مشوهّة.. و أحجار
و لكنى نسيت.. نسيت يا مجهولة الصوت:
رحيلك أصدأ الجيتار.. أم صمتي؟!
رأيتك أمس فى الميناء
مسافرة بلا أهل.. بلا زاد
ركضت إليك كالأيتام،
أسأل حكمة الأجداد :
لماذا تسحب البيّارة الخضراء
إلى سجن، إلى منفى، إلى ميناء
و تبقى رغم رحلتها
و رغم روائح الأملاح و الأشواق ،
تبقى دائما خضراء؟
و أكتب فى مفكرتي:
أحبّ البرتقال. و أكره الميناء
و أردف فى مفكرتى :
على الميناء
وقفت. و كانت الدنيا عيون الشتاء
و قشرةالبرتقال لنا. و خلفى كانت الصحراء !
رأيتك فى جبال الشوك
راعية بلا أغنام
مطاردة، و فى الأطلال..
و كنت حديقتي، و أنا غريب الدّار
أدقّ الباب يا قلبي
على قلبي..
يقوم الباب و الشبّاك و الإسمنت و الأحجار !
رأيتك فى خوابى الماء و القمح
محطّمة. رأيتك فى مقاهى الليل خادمة
رأيتك فى شعاع الدمع و الجرح.
و أنت الرئة الأخرى بصدرى..
أنت أنت الصوت فى شفتى..
و أنت الماء، أنت النار!
رأيتك عند باب الكهف.. عند الدار
معلّقة على حبل الغسيل ثياب أيتامك
رأيتك فى المواقد.. فى الشوارع..
فى الزرائب.. فى دم الشمس
رأيتك فى أغانى اليتم و البؤس !
رأيتك ملء ملح البحر و الرمل
كنت جميلة كالأرض.. كالأطفال.. كالفلّ
قصيدة الأرض
فى شهر أذار ، فى سنة الانتفاضة ، قالت لنا الارض
أسرارها الدمويّة. فى شهر أذار مرّت أمام
البنفسج والبندقيّة خمس بنات. وقفن على باب
مدرسة ابتدائيّة ، واشتعلن مع الورد والزعتر
البلدى. افتتحن نشيد التراب. دخلن العناق
النهائى - اذار يأتى الى الارض من باطن الارض
يأتى ، ومن رقصة الفتيات-البنفسج مال قليلا
ليعبر صوت البنات. العصافير مدّت مناقيرها
فى اتجاة النشيد وقلبى.
أنا الأرض
والأرض أنت
خديجة ! لا تغلقى الباب
لا تدخلى فى الغياب
سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل
سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل
سنطردهم من هواء الجليل.
وفى شهر آذار ، مرّت أمام البنفسج والبندقيّة خمس
بنات. سقطن على باب مدرسة ابتدائيّة. للطباشير
فوق الاصابع لون العصافير. فى شهر أذار قالت
لنل الارض أسرارها.
عابرون فى كلام عابر
ايها المارون بين الكلمات العابرة
احملوا أسمائكم وانصرفوا
وأسحبوا ساعاتكم من وقتنا ،و أنصرفوا
وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة
و خذوا ما شئتم من صور،كى تعرفوا
انكم لن تعرفوا
كيف يبنى حجر من ارضنا سقف السماء
ايها المارون بين الكلمات العابرة
منكم السيف - ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار- ومنا لحمنا
منكم دبابة اخرى- ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز - ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص..و انصرفوا
وعلينا ،نحن، ان نحرس ورد الشهداء
و علينا ،نحن، ان نحيا كما نحن نشاء
ايها المارون بين الكلمات العابرة
كالغبار المر مروا اينما شئتم ولكن
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
فلنا فى ارضنا ما نعمل
و لنا قمح نربيه و نسقيه ندى اجسادنا
و لنا ما ليس يرضيكم هنا
حجر.. او خجل
فخذوا الماضي،اذا شئتم الى سوق التحف
و اعيدوا الهيكل العظمى للهدهد، ان شئتم
على صحن خزف
لنا ما ليس يرضيكم ،لنا المستقبل ولنا فى ارضنا ما نعمل
ايها المارون بين الكلمات العابره
كدسوا اوهامكم فى حفرة مهجورة ، وانصرفوا
واعيدوا عقرب الوقت الى شرعية العجل المقدس
او الى توقيت موسيقى مسدس
فلنا ما ليس يرضيكم هنا ، فانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم: وطن ينزف و شعبا ينزف
على هذه الأرض
على هذه الأرض ما يستحق الحياة: تردد إبريل، رائحة الخبزِ
فى الفجر، آراء امرأة فى الرجال، كتابات أسخيليوس ، أول
الحب، عشب على حجرٍ، أمهاتٌ تقفن على خيط ناي، وخوف
الغزاة من الذكرياتْ.
على هذه الأرض ما يستحق الحياةْ: نهايةُ أيلولَ، سيّدةٌ تترُكُ
الأربعين بكامل مشمشها، ساعة الشمس فى السجن، غيمٌ يُقلّدُ
سِرباً من الكائنات، هتافاتُ شعب لمن يصعدون إلى حتفهم
باسمين، وخوفُ الطغاة من الأغنياتْ.
على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ: على هذه الأرض سيدةُ
الأرض، أم البدايات أم النهايات. كانت تسمى فلسطين. صارتْ
تسمى فلسطين. سيدتي: أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة.
بطاقة هوية
سجل
أنا عربي
و رقم بطاقتى خمسون ألف
و أطفالى ثمانية
و تاسعهم سيأتى بعد صيف
فهل تغضب
سجل
أنا عربي
و أعمل مع رفاق الكدح فى محجر
و أطفالى ثمانية
أسل لهم رغيف الخبز
و الأثواب و الدفتر
من الصخر
و لا أتوسل الصدقات من بابك
و لا أصغر
أمام بلاط أعتابك
فهل تغضب
سجل
أنا عربي
أنا إسم بلا لقب
صبور فى بلاد كل ما فيها
يعيش بفورة الغضب
جذوري
قبل ميلاد الزمان رست
و قبل تفتح الحقب
و قبل السرو و الزيتون
و قبل ترعرع العشب
أبى من أسرة المحراث
لا من سادة نجب
وجدى كان فلاحا
بلا حسب و لا نسب
يعلمنى شموخ الشمس قبل قراءة الكتب
و بيتى كوخ ناطور
من الأعواد و القصب
فهل ترضيك منزلتي
أنا اسم بلا لقب
سجل
أنا عربي
و لون الشعر فحمي
و لون العين بني
و ميزاتي
على رأسى عقال فوق كوفية
و كفى صلبة كالصخر
تخمش من يلامسها
و عنواني
أنا من قرية عزلاء منسية
شوارعها بلا أسماء
و كل رجالها فى الحقل و المحجر
يحبون الشيوعية
فهل تغضب
سجل
أنا عربي
سلبت كروم أجدادي
و أرضا كنت أفلحها
أنا و جميع أولادي
و لم تترك لنا و لكل أحفادي
سوى هذى الصخور
فهل ستأخذها
حكومتكم كما قيلا
إذن
سجل برأس الصفحة الأولى
أنا لا أكره الناس
و لا أسطو على أحد
و لكنى إذا ما جعت
آكل لحم مغتصبي
حذار حذار من جوعي
و من غضبى