بالصور"قصة التماثيل القبيحة بميادين مصر من نجيب محفوظ للطهطاوى ومكرم

منذ قديم الزمان، استطاع الإنسان المصرى أن يبنى حضارة تبهر العالم بأجمعه، وأن يصنع تماثيل لها من الدقة و الجمال و التذوق الفنى ما يجعلنا نقف أمامها مذهولين من فرط رقيّها، ولكن لا تبقى الأمور دائماً على حال واحد، حتى فى الشئ الذى لا يستحب التغيير فيه، وهذا ما يظهر واضحاً عندما نلاحظ التماثيل التى تقف حارسة لميادين مصر العامة، فى الفترة الأخيرة، ونلاحظ أنها بعيدة تماما عن الجمال أو الفن.

عشرات الأمثلة التى يمكننا عرضها للتماثيل سيئة التنفيذ و قبيحة الشكل، وكثير من التعليقات الغاضبة و الساخرة والمستاءة للفنانين و المثقفين و الأشخاص العاديين غير المتخصصين، والتى تؤدي بنا كلها إلى طريق واحد وهو أننا فى زمن "الفن القبيح".

ربما تكمن المشكلة فى الأساس إلى أن منفذى تلك الأعمال غير متخصصين و غير متذوقين للفن، وعدم التنسيق بين الحى الذى يقرر فجأة بالقيام بتجميل الميادين، وبين الجهات المختصة بالفن التشكيلى مثل وزارة الثقافة وقطاع الفنون التشكيلية، وكليات الفنون الموجودة فى محافظات مصر، الأمر الذى يجعل الحال معلقاً حتى الآن، ويجعل مسلسل تشويه الميادين مستمر بلا انقطاع.
ولعل آخر ما شهدته مصر من ظاهرة تشويه التماثيل، التى تم صنعها تكريماً للرموز المصرية التى تركت علامة كبرى وبصمة مؤثرة فى تاريخها، كان تمثال أم كلثوم بميدان أبو الفدا بالزمالك، والذى تم دهنه بطلاء شوّه شكل العمل الفنى، فى إطار خطة الحى لتجميله.
وتتعد وقائع التماثيل السيئة، مثل تمثال نجيب محفوظ بالمهندسين وتمثال رفاعة الطهطاوى فى سوهاج والذى وصفه الفنانون والمثقفون بـ"الكارثة الفنية"، و تمثال الزعيم الوطنى أحمد عرابى، فى الزقازيق، والذى أُطلق عليه "الرجل الأخضر".

هناك أيضاً تمثال للأديب الكبير عباس محمود العقاد في أسوان، يبتعد عن ملامحه، وتمثال الموسيقار محمد عبد الوهاب بميدان باب الشعرية، الذى دهنته إحدى طالبات المدارس الثانوية الصناعية بشكل غير جيد، بالإضافة إلى تمثال مصر و الرئيس السيسي بميدان التحرير والذى جاءت النسب التشريحية له غير متناسبة بالمرة، و تمثال فى سفاجا بالبحر الأحمر سُمى بـ"عروس البحر الأحمر" وأطلق عليه الساخرين "سونيا".
ولم تسلم نفرتيتي من هذه الظاهرة الرديئة، فكان تمثالها الموجود بمدينة سمالوط فى المنيا، يحتاج إلى إعادة ترميم، مما جعل الوحدة المحلية تقيم عمليات لترميمه، و تم الاستعانة بمبيض محارة مما أثار حالة من الغضب أجبرت المسئولين على إزالة التمثال الذى تم وصفه بـ"جدو حولان"، كما أقيم تمثال مشوه آخر لها فى نفس المحافظة، في مدخل إحدى مناطق التجنيد .

وانتقالا من تشويه الرموز المصرية، إلى صنع تماثيل ليست مفهومة وغير واضحة المعالم، مثل تمثال "الحكمة" بجامعة المنصورة، الذى لا يظهر به أى ملامح توضح هويته، ولكن منفذه أشار إلى أنه كان يقصد طائر الحكمة الذى كان يتم تقدسيه فى مصر القديمة، وفى محافظة الإسماعيلية تم إضافة تمثال فى ميدان "عرابى" الجديد بالمحافظة، غير واضح المعالم، وتمثال آخر فى نفس المحافظة لرجل لايرتدى شيئ سوى سروال داخلى، وصفه البعض بـ "تمثال قطونيل".
كما يوجد تمثاثيل "الأسد" الذى وضعت بنقابة المعلمين، أطلق عليها البعض على مواقع التواصل الاجتماعى بـ"تماثيل المعيز"، وهناك أيضاً تمثال غير محدد الملامح تم وضعه فى مدخل محافظة بورسعيد، وأثار الغضب و استياء أبناء المحافظة مطالبين بإزالته.
الأمثلة كثيرة ومستمرة، و الفنانين التشكيليين غاضبون و يتمنون أن يتم التنسيق بين المحافظة و الجهات الفنية المختصة، فيؤكد الفنان التشكيلى و النحات عادل شعبان، على ضرورة وجود قانون يعاقب كل من يقوم بالمساس بأى عمل فنى فى الميادين، كما يجب تعيين لجنة تكون مشرفة ومسئولة عن نحت التماثيل، بينما يقول الفنان رفقى الرزاز، على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" أن "ثقافة الغجر تجتاح مصر بفعل فاعل ولن يردعها إلا العنف المستنير".