أصدرت صحيفة «الإخوان المسلمون» عددها بغلاف لصورة الملك فاروق وفى يده مسبحة، وذهب وفد من الجماعة برئاسة المرشد العام حسن البنا إلى قصر عابدين لمقابلة الملك وتقديم العدد هدية له.
صدر العدد فى مثل هذا اليوم «29 أغسطس 1942»، وتضع الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها «فاروق وسقوط الملكية فى مصر» «مكتبة مدبولى – القاهرة» هذا التصرف من جماعة الإخوان فى سياق العلاقة بينها وبين والملك منذ خلافته لوالده «فؤاد» الذى توفى يوم 28 إبريل 1936، وتقول: «منذ البداية تولت جريدة الإخوان مهمة تعبئة الرأى العام ولفت نظره إلى خطوات فاروق الدينية، تبين كيف ملك قلوب رعيته بغيرته على الدين، وتصف استقبال الجماهير له وهو فى طريقه إلى مسجد أبى العلاء لتأدية الصلاة ودعواتهم له وهتافاتهم بحياته، وتنقل بعض اللقاءات وتأتى بالقصص التى تنم عن أن هناك الأبناء الفاسدين قد قوموا وعرف طريق المساجد وانصرفوا إليها، والسبب أنهم اتخذوا من الملك الأسوة الحسنة وبالتالى اعتبرته المثل الأعلى لأمته».
وتذكر «سالم»: «يكتب حسن البنا تحت عنوان «حامى المصحف ليثبت المعنى وينشر الدعوة»، فيذكر أنه أثناء رحلة فاروق للصعيد أخرج أحد المرافقين له فصا أثريا، وقال إنه الذى يجلب له الحظ والخير، وأخرج مفتاحا وادعى مثل هذه الدعوى، فما كان من فاروق إلا أن أخرج مصحفا وقال: «إن هذا هو مفتاح كل خير عندى، ويصل زعيم الإخوان إلى أنه إذا كان قد ضم القرآن إلى قلبه ومزج به روحه،فإنه لا يخدم نفسه فى الدنيا والآخرة فحسب،ولكنه بذلك يضمن لمصر حسن التوجيه ويحول بينها وبين العناد ويقيمها على أفضل المناهج، ويسلك بها أقرب الطرق إلى كل خير، وهو فى الوقت نفسه يضمن ولاء أربعمائة مليون من المسلمين فى آفاق الأرض،تشرئب أعناقهم وتهفو أرواحهم إلى الملك الفاضل الذى يبايعهم على أن يكون حامى المصحف فيبايعونه على أن يموتوا بين يديه جنودا للمصحف،وأكبر الظن أن الأمنية الفاضلة ستصير حقيقة ماثلة،وأن الله قد اختار لهذه الهداية العامة الفاروق، فعلى بركة الله يا جلالة الملك ومن ورائك أخلص جنودك».
تولى «فاروق» سلطاته الدستورية وبهذه المناسبة، وكما جاء فى جريدة «الإخوان المسلمون» فى عددها 9 فبراير 1937، انهمر سيل الإخوان إلى ساحة قصر عابدين، بعد أن أصدر المركز العام الأوامر إلى الفرقة العسكرية بالزحف رافعين أعلامهم يهتفون: «الله أكبر ولله الحمد، الإخوان المسلمين يبايعون الملك المعظم،نبايعك على كتاب الله وسنة رسوله»، وفى رصده لهذه العلاقة وموقع حزب الوفد فيها باعتباره صاحب الأغلبية يقول الدكتور عبد العظيم رمضان فى كتابه «تطور الحركة الوطنية» (الهيئة العامة للكتاب – القاهرة): «نظرا للمصلحة المشتركة التى جمعتهم بالقصر، فقد انحازوا إلى جانبه فى أزماته مع الوفد ما جعل فاروقا يعتبرهم أداة لتحقيق ما يصبو إليه،ووالى الإخوان ولاءهم للملك، فانتهزوا فرصة حفل زفافه وقدموا له هديتهم التى اختلفت عن باقى الهدايا،فأطعموا الفقراء من أجل أن يستجدوا للمك رضا لله، وأعلنت صحيفتهم أنهم يهبونه الروح».
حين تقرر عودته إلى القاهرة من لندن بعد وفاة أبيه (عام 1936) وحسب لطيفة سالم: «أصدر مكتب الإرشاد أمره إلى جميع الفروع فى الأقاليم، ليصطف أعضاء الجماعة بأعلامهم وجوالتهم على المحطات التى يقف فيها القطار الملكى» لأداء فروض الولاء والاحتفاء بالطلعة المحبوبة» وتضيف: «يواصل حسن البنا جهوده ليعتمد فاروق على الجماعة فيرفع إليه صورة من المظاهر التى لا تتفق مع الإسلام من بؤر الخمور ودور الفجور وصالات الرقص وأندية السباق والقمار والمرأة السافرة المتبرجة،وكيف أن حدود الله معطلة،ويطلب منه أن يصدر أمرا ملكيا بألا يكون فى مصر المسلمة إلا ما يتفق مع الإسلام، وأن مائة ألف شاب مؤمن تقى من شباب الإخوان المسلمين فى كل ناحية من نواحى القطر، ومن ورائهم هذا الشعب كلهم يعملون فى جد وهدوء ونظام يترقبون هذه الساعة،إن الجنود على تمام الأهبة، إن الكتائب معبأة وقد طال بها أمد الانتظار».