نظمت لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة مساء، ندوة نقدية حول رواية (جبل الطير) للروائى الدكتور عمار على حسن، أدارها الكاتب ربيع مفتاح؛ وشارك فى المناقشة كل من الأساتذة فايزة سعد والشاعر شعبان يوسف.
بدأ الكاتب ربيع مفتاح كلمته مشيدا بالرواية من حيث بنائها الفنى وقيمتها الإبداعية، ثم أعطى الكلمة للدكتورة فايزة سعد التى وضعت يدها على خصوبة الأجواء الصوفية فى الرواية، فهى روح صوفية تحيل إلى التراث الصوفى العربى عامة، وإلى التراث الصوفى المصرى خاصة؛ ثم أشارت إلى ما حفلت به الرواية من حكم وأقوال مأثورة تحتاج إلى جهد كبير بيان مصادرها فى التراث.
أما عن التصنيف الفنى للرواية؛ فقد أشارت الدكتورة فايزة إلى أن الرواية تنتمى إلى الواقعية السحرية عامة، بل وخصتها بمصطلح جديد هو (الواقعية الروحانية)؛ وهو مصطلح يعنى عندها التصدى للبحث الدائم عن الحقيقة؛ هل هى قائمة فى الواقع الخارجى المعيش؟ أم أنها ماثلة فيما يعرض لنا من أحلام ورؤى؟ وهل سبيل إدراكها هو العقل بمنطقه المجرد؟ أم البصيرة الوجدانية بحدوسها النافذة؟ كما أشارت الدكتورة إلى ما تضمنته الرواية من وشائج بين الإسلام والمسيحية، فبطل الرواية (سمحان) يتزوج من راهبة مسيحية، وهذا الزواج لم يجئ مصادفة فى نسيج الرواية، وإنما له بالتأكيد دلالته الرمزية. أما عن بنية الرواية فقد أشارت إلى أنها بنية دائرية، حيث بدأت بمشهد اختفاء الجبل أمام عينى البطل، لتنتهى بالمشهد نفسه، وخلال هذه البنية الدائرية يضفر الروائى النص بعناصر تستلهم الفن التشكيلى بتكويناته وألوانه، مثل التباين بين السماء الزرقاء والرمال الصفراء، وهو تباين يجسده الكاتب بلغة رفيعة لا تعبر فحسب، إنما تصور أيضا.
واختتمت الدكتورة فايزة كلمتها بالإشارة إلى المصادر والمراجع التى ذيل بها الكاتب روايته، وأعربت عن دهشتها من هذا التذييل غير المألوف فى الأعمال الروائية؛ وإن اعترفت بفائدته للقارئ والباحث المهتم بالأدب الشعبى والفولكلور المصرى.
ثم انتقلت الكلمة إلى الشاعر شعبان يوسف، الذين وجه شكره لصاحب الرواية، حيث كان قد ناقشها فى ورشة الزيتون قبل عدة أشهر؛ وأعرب عن تقديره لصاحب الرواية باعتباره روائيا ممتازا يحتل منزلته بين الكبار، ثم باعتباره أستاذا جامعيا بارزا فى ميدان العلوم السياسية؛ فضلا عن أنه مثقف كبير يشارك بمقالاته وحضوره الإعلامى، فى إثراء الوعى بأهم القضايا المطروحة.
ثم انتقل إلى الرواية فأشار إلى الروح السوريالية التى تجسدت فى المشهد الافتتاحى (مشهد اختفاء الجبل)، ولم يغفل أهمية البناء اللغوى فى الرواية، لا سيما أنه بناء يستند إلى لغة شفافة تجمع بين روح الشعر وتقنية السرد. وأكد الشاعر شعبان يوسف أن هذه الرواية شأنها شأن الأعمال الأدبية الكبرى، لا تبوح يأسرارها من القراءة الأولى، وإنما تحتاج إلى قراءة بعد قراءة، وفى كل مرة يتكشف للقارئ بعد جديد من أبعاد الدلالة. واختتم شعبان يوسف كلمته بأنه سيكتب مقالا عن الرواية فى أقرب فرصة.
وعقب كلمة الشاعر شعبان يوسف، تم فتح باب المداخلات للحضور، وقد شاركت فيها مجموعة من الحاضرين، أبدوا جميعهم إعجابهم بالرواية وأثنوا عليها، سواء من حيث البناء الفنى أو من حيث اللغة أو من حيث التسلسل الزمنى المحكم.