ذات يوم.. بدء اجتماعات كامب ديفيد.. والسادات يفتخر بتشبيه كارتر له بـ«الأسد»

دخل محمد إبراهيم كامل، وزير خارجية مصر، إلى السرير المجاور لسرير الدكتور بطرس غالى، ولم يتكلم الاثنان لبعض الوقت حتى قطع «كامل» الصمت بسؤاله إلى «غالى»: «لقد دخلنا كامب ديفيد بسلام، ترى كيف سنخرج منه؟». لم يرد «غالى» بعد أن دخل فى سبات عميق، لكن السؤال لم يغادر «كامل» الذى كان أهم عناصر الوفد المصرى المرافق للرئيس السادات للتفاوض مع بيجن، رئيس الحكومة الإسرائيلية، وحسب مذكرات «كامل» بعنوان «السلام الضائع» عن «دار الشروق- القاهرة»، فإن سؤاله كان فى مساء يوم «5 سبتمبر 1978» الذى وصلوا فيه إلى أمريكا ونزلوا مع الوفد الإسرائيلى إلى المنتجع الذى سيقلب خريطة الشرق الأوسط، وفى صباح اليوم التالى «6 سبتمبر» اجتمع السادات بكارتر فى مقر إقامته بـ«أسبن» ودام الاجتماع نحو ساعة، شرح فيه السادات المشروع المصرى لـ«إطار السلام» الذى استمع إليه كارتر دون تعليق، لكنه حذر من فشل المؤتمر، مما يعقد الأمور ويؤثر على مركزه الحالى وعلى مستقبله السياسى. يتحدث «كامل» عن أنه اصطحب السفير أحمد ماهر «وزير خارجية مصر فيما بعد»، واجتمع مع وزير الخارجية الأمريكى «سيروس فانس»، فى مثل هذا اليوم «7 سبتمبر 1978» وكان بصحبته نائب الرئيس الأمريكى «والتر مونديل»، وقال «فانس» إنه اطلع على مشروع «إطار السلام» المصرى، ويود مناقشة بعض الملاحظات عليه، وقال «فانس»: «إن الموقف واضح بالنسبة للمستعمرات الإسرائيلية فى سيناء، وإنهم يتفقون معنا فى وجوب إزالتها، أما المستوطنات فى الضفة الغربية وغزة فإزالتها مشكلة كبرى، ولن يمكن التوصل بأى حال إلى موافقة إسرائيل على ذلك لأن ذلك يهدد أمنها»، فرد كامل: «هذه المستعمرات تشكل تعديا غير مشروع على الأراضى العربية المحتلة، وهذا العدوان المجسد قائم دون إزالة، وإما أننا سنتوصل لتحقيق سلام دون مشاكل تطيح به، أو لن ننجح فى تحقيقه على الإطلاق». عقد السادات فى نفس اليوم «7 سبتمبر» اجتماعه الثانى بـ«كارتر» و«بيجن»، وتوجه «كامل» بعد الاجتماع ومعه حسن التهامى وحسن كامل وبطرس غالى وأشرف غربال وأسامة الباز إلى مقر السادات الذى حكى لهم ما دار بينه وبين بيجن من مناقشة عنيفة حول المستوطنات الإسرائيلية فى سيناء، عندما أعلن بيجن أنه لن يتخلى عنها بأى حال، وأن المسألة ليست مجرد رغبة أو نزوة، وإنما لأنها تشكل حزام أمن يحمى إسرائيل من الهجمات عليها، وأنه لا الحكومة ولا المعارضة الإسرائيلية تستطيع بحال الموافقة على إخلائها، فأمن إسرائيل مقدس وحيوى بالنسبة للجميع، واقترح بيجن صيغة إبقاء هذه المستوطنات تحت إشراف الأمم المتحدة مثلا. أكد السادات أنه رفض كل ذلك تماما، وقال لبيجن: «أرضنا مقدسة، ولا أنا ولا الشعب يقبل مستوطنة واحدة أو مستوطن أو جندى إسرائيلى على أراضينا»، وهدد بأنه لن يوقع على أى اتفاق ما لم تحل هذه المستوطنات جميعا، وواصل السادات كلامه مؤكدا أنه تصدى لحجج بيجن بالنسبة للضفة الغربية وغزة، من بينها أن موافقة إسرائيل على ما ورد فى المشروع المصرى بقيام دولة فلسطينية «إرهابية»، سيشكل خطرًا قاتلا بالنسبة لهم «إسرائيل»، ويتعارض ذلك مع ما سبق أن أبلغه به الرئيس كارتر والرئيس السادات نفسه من أنهما لا يؤيدان قيام دولة فلسطينية مستقلة، ورد عليه السادات بأن ذلك صحيح، ولكن ما يشير إليه مشروع إطار السلام هو قيام دولة فلسطينية مرتبطة بالأردن وليست مستقلة، فضلا عن أن يمكن أن تكون هذه الدولة منزوعة السلاح. أضاف «السادات» أن بيجن رفض كل ما ورد فى مشروع مصر بشأن الضفة الغربية وغزة، وأنه رد عليه بأنه لن تكون هناك تسوية من دون حل القضية الفلسطينية، ويذكر كامل: «قال السادات وهو يودعنا عند انصرافنا بلهجة يشوبها الافتخار: كان نفسى تسمعوا الرئيس كارتر وهو يقول لى بعد انتهاء الاجتماع، لقد كنت تزأر مثل الأسد وأنت تقول لبيجن أمامى إنه لا أنا- أى السادات- ولا أنت- أى بيجن- ولا الملك حسين، يستطيع المطالبة بالسيادة على الضفة الغربية وغزة التى هى من حق الشعب الفلسطينى وحده»، ويعلق «كامل»: «راق هذا التشبيه، بالأسد، السادات، وكان كثيرا ما يردده فيما بعد للدلالة على شراسة وشدة بأسه فى التفاوض وعلى ضراوته فى تمسكه بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى».



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;