كتاب "تاريخ أوروبا والعالم الإسلامى" يرصد تاريخ حضارات العالم فى عيون الغرب

العلاقة بين الغرب والشرق قديمة ومؤرقة وغنية بالنسبة للكتاب والمؤرخين لأنها ممتلئة بالصدام وقليل من الالتقاء، والحديث عنها لن ينضب أبدا، ومن ذلك الكتاب الصادرة ترجمته حديثا عن المركز القومى للترجمة، (أوروبا والعالم الإسلامى: تاريخ بلا أساطير) من تأليف هنرى لورنس، جون تولان وجيل فاينشتاين، ومن ترجمة بشير السباعى. وفى هذا الكتاب، يعيد ثلاثة مؤرخين بارزين إحياء التاريخ المديد بين أوروبا والعالم الإسلامى ويقدمون خلاصة تاريخية مرجعية لتجلية تعقد الرهانات والتراثات والأحداث المعاصرة، فتاريخ هذه العلاقة الصاخبة من المستحيل فهم زماننا من دونها. فمنذ مئات الأعوام، تنازعت جيوش المدينة المنورة والقسطنطينية للسيطرة على بلاد الشام، مرورا بتفكك بيزنطة، وبالحملات الصليبية والأندلس المسلمة والاسترداد المسيحى والنزاعات التى عرفها القرن الثامن عشر، ومرورا كذلك بالإمبراطورية العثمانية، والاستعمار الأوروبى ونزع الاستعمار، لم تتوقف الصلات بين أوروبا والعالم الإسلامى. وبحسب المؤلف لا يجب لعنوان الكتاب أن يخدع القارئ، فالأمر لن يتعلق بعلاقات بين أوروبا والعالم الإسلامى بقدر تعلقه بالعلاقات المتعددة بين الجنوبيين والتونسيين، أو بين سكان القسطنطينية والسكندرين، أو بين الكاتالونيين والمغاربة أيضًا ، أى باختصار، بين جميع الأفراد والجماعات التى صاغت ما نسميهما اليوم بأوروبا والعالم الإسلامى الضاربين بجذورهما عمقًا فى تراث دينى وثقافى وفكرى مشترك. والغريب أن أهمية هذه الصلات وثراءها وتنوعها ليس جليًا للجميع، فليس المطلوب فى فهم هذه العلاقة هو المقابلة بين (حضارتين) متصادمتين، مثلما يفعل صامويل هانتجتون، ليدور الحديث عن (صدام) بين الإسلام وأوروبا. الجزء الأول من الكتاب مكرس لتاريخ العلاقات فى العصر الوسيط أى منذ ثلاثينيات القرن السابع إلى القرن الخامس عشر وهو يأتى بعنوان (السراسنة والإفرنج: مزاحمات ومنافسات وتلاقيات) بقلم جون تولان، ويعالج الجزء الثانى ما يسميه المؤرخون بالحقبة الحديثة، أى الحقبة الممتدة من أواخر القرن الخامس عشر إلى آواخر القرن الثامن عشر وهو بعنوان (أوروبا والتركى الأكبر بقلم جيل فاينشتاين. أما الجزء الثالث (الإمبريالية الأوروبية وتحولات العالم الاسلامى) بقلم هنرى لورنس، فينطلق من القطيعة الكبرى فى النصف الثانى من القرن الثامن عشر، والتى أسماها المؤرخون بـ(فتح المسألة الشرقية) حيث تكون أوروبا بمثابة قوة عظمى مفرطة. مترجم الكتاب، بشير السباعى، شاعر ومؤرخ ومترجم مصرى، له عددا كبيرًا من الترجمات منها (الوفد والإخوان المسلمون، مصر فى الخطاب الامريكى، الإسلام وخلق الهوية الأوروبية، الديمقراطية والدولة فى العلم العربى، الكاتب والسلطة، المملكة المستحيلة: فرنسا وتكوين العالم العربى الحديث، هوية فرنسا، حوار حول الاسلام). هذا الكتاب يكشف عن جانب مهم من علاقة الشرق والغرب بسبب تعدد الأصوات الموجودة داخله والتى يتعلق كل واحد منها بأحد المراحل المكانية والزمانية، وربما نستطيع نحن من خلال المعرفة أن نصل يوما لحل المعادلة المأزومة دائما بين الجانبين وأن نتوصل إلى نقطة تلاقى لا يطغى فيها أحدنا على الآخر.



الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;