همنجواى وميلر ونجيب محفوظ وإكو يكشفون أسرارهم فى كتاب "بيت حافل بالمجانين"

"ينبغى على الكاتب الناشئ أن يخرج فيشنق نفسه، لأنه يجد أن الكتابة الجيدة صعبة بل ومستحيلة، ثم إنه ينبغى أن يوقع المشنقة بلا رحمة، ويرغم نفسه بنفسه على الكتابة بأجود ما يستطيع إليه سبيلًا لما بقى فى حياته، وعلى الأقل ستكون لديه قصة الشنق ليبدأ منها"، هذه كانت إجابة الكاتب العظيم أرنيست همنجواى على سؤال وجهه له جورج بلتمون حول نصيحته للكتاب الناشئ، ضمن حواره مع مجلة "باريس ريفيو". لا توجد بالطبع حياة أكثر ثراء وأعظم تجربة من حياة الكاتب أو الشاعر أو الفنان، وخيرُ دليل على هذا الحواراتُ الثريةُ والمحترفةُ التى أجرتها مجلة "باريس ريفيو"، وترجم بعضها الشاعر والمترجم أحمد شافعى، وصدرت فى كتاب بعنوان "بيت حافل بالمجانين" عن الهيئة العامة للكتاب. وخصصت "باريس ريفيو"، والتى تأسست عام 1953، بابًا ثابتًا بعنوان "كُتَّاب يعملون" يتيح للكتاب "مناقشة حياتهم وفنهم بإسهاب"، وهو ما يعد فرصة جوهرية للعيش بقرب كُتاب عظام وفريدين مثل همنجواى وهنرى ميلر وبورخيس وكونديرا ونجيب محفوظ، والتعرف على تجاربهم فى الحياة وفى الكتابة الإبداعية، وأسرارهم وممارستهم الخاصة وطقواسهم فى الكتابة وتفاعلهم من الأشياء والمدن والطبيعة. وتعد حوارات "باريس ريفيو" كنزًا لا يفنى من المعرفة الإنسانية والخبرات البشرية، وفيها خلاصة تجارب فئة رفيعة من الكتاب الذين خبروا الحياة، وخاضوا دروب الكتابة الإبداعية، وانتهوا لسبر أغوار وفك رموز العديد من الأمور التى يصعب فهمها والتعامل معها على الإنسان العادى، وهذه أسمى وظائف الأدب. تصل لقارئ "بيت حافل للمجانين"، آلافُ الرسائل والمقولات المجربة، جرى ذكرها على ألسنة أعظم كُتاب الكون، ومنها مقولة هنرى ميلر فى حواره مع جورج ويكس، حيث يجيب على سؤال "لا تبالى بالسياسة كثيرا": "إطلاقا، أعتبرها عالمًا كامل الفساد والعفن، لا نصل من خلاله إلى أى شىء.. وفى رأيى، وعلى المرء كى يكون سياسيًا، أن يكون على شىء من الضحالة، وأن يكون فيه من القاتل شىء قليل، أن لا يعاف رؤية الناس وقد صاروا ضحايا، أو انتهوا إلى مذبحة، فى سبيل فكرة، سواء أكانت جيدة أم رديئة. أقصد أن هؤلاء هم السياسيون الذين تعلو أسهمهم". وتشتمل مجموعة الحوارات المترجمة من "باريس ريفيو"، حوارًا مع نجيب محفوظ أجرته معه تشارلوت الشبراوى عام 1992، تحدث فيه عن أزمة روايته "اولاد حارتنا"، وأوضح قصده من وراء تأليفه: "أردت من الكتاب أن يبين أن للعلم مكانًا فى المجتمع، وأن العلم ليس بالضرورة فى صراع مع القيم الدينية، أردت أن أقنع القراء أننا لو نبذنا العلم، لنبذنا معه الإنسان العادى". وفى موضع آخر، يحذر نجيب محفوظ من التطرف، ويؤكد أن كل ما يخشاه بحق هو التعصب الدينى، فذلك حسب رأيه "تطور هدام معارض تماما للإنسانية". وفى حوار مهم، يعيد إمبرتو إيكو صاحب رواية "اسم الوردة"، تعريف المثقف، حيث يرفض التعريف القديم بأنه ذلك "الشخص الذى يعمل برأسه فحسب، ولا يعمل بيديه، وإنما المثقف هو أى شخص يبتكر ويبدع معرفة جديدة، فالفلاح الذى يفهم أن نوعًا جديدًا من التطعيم قد ينتج سلاسات جديدة من التفاح، يكون أنتج نشاطًا ثقافيًا فكريًا، بينما أستاذ الجامعة الذى يظل طول عمره يكرر نفس المحاضرات عن هيدجر لا يرقى إلى أن يكون مثقفًا". ويرفض الكاتب الأمريكى بول أوستر استخدام الكومبيوتر فى الكتابة، حيث يتمسك باستخدام القلم لأن "به خوفًا دائمًا من لوحة المفاتيح، فلم أستطع قط أن يفكر تفكيرًا صافيًا بينما أصابعه تتخذ هذه الوضعية، القلم أكثر بدائية، ويشعرك أن الكلمات طالعة من جسمك، وأنك تحفر لها فى الورقة، طالما كانت للكتابة عندى هذه السمة الحسية..".



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;