ذات يوم...الدبابات الإسرائيلية تدخل السويس والمقاومة الشعبية تستعد للمواجهة

اتصل وزير الحربية الفريق أول أحمد إسماعيل بالرئيس السادات مبكرا فى صباح مثل هذا اليوم «23 أكتوبر 1973»، يخبره بأن القوات الإسرائيلية تواصل عملياتها، وكأن شيئا لم يحدث حسب تأكيد محمد حسنين هيكل فى كتابه «أكتوبر 1973 - السلاح والسياسة». جاء الاتصال بعد ساعات من بدء سريان قرار وقف إطلاق النار«منتصف ليل 22 أكتوبر» للحرب الدائرة على جبهات القتال بين مصر مع سوريا ضد إسرائيل منذ 6 أكتوبر، ووفقا لـ«هيكل»: «مع فجر 23 أكتوبر كانت الطوابير الإسرائيلية المدرعة تتحرك، وهى تحاول التقدم إلى مواقع جديدة»، وفيما كان أول خاطر للرئيس السادات، هو أن يطلب من مستشاره للأمن القومى «حافظ إسماعيل» أن يتصل بوزير الخارجية الأمريكية هنرى كيسنجر عن طريق القناة السرية، كانت مدينة السويس تعد عدتها للمقاومة. كان الوضع فى السويس، حسب جمال حماد فى كتابه «المعارك الحربية على الجبهة المصرية»، يحمل فى طياته أسوأ النذر، فالطائرات الإسرائيلية قامت ظهر ذلك اليوم بغارات وحشية على شركة النصر للأسمدة، مما أشعل الحرائق فى كثير من أقسامها، وأصاب القصف الجوى أيضا مبنى الثلاجة الرئيسية على طريق عتاقة، ولم تكتف القوات الإسرائيلية بالحصار البرى، الذى ضربته على السويس، بل عمدت إلى توجيه أقسى أساليب الحرب النفسية ضد سكانها وبغير شفقة ولا رحمة بقصد ترويعهم والضغط على أعصابهم لحملهم على التسليم، ولهذا قامت بقطع ترعة السويس المتفرعة من ترعة الإسماعيلية التى تغذى المدينة بالمياه الحلوة، كما دمرت شبكة الضغط العالى التى تحمل التيار الكهربائى من القاهرة إلى السويس، وقطعت بعد ذلك أسلاك الهاتف التى تربط المدينة بالعالم الخارجى، وكانت القيادة الإسرائيلية على يقين بأن أهل السويس سوف يقابلون دباباتها ومدرعاتها بالأعلام البيضاء حال ظهورها فى الشوارع، بعد أن أصبحوا فى هذه الظروف المعيشية التى لا يمكن لبشر أن يتحملها، فلا مياه ولا طعام ولا كهرباء ولا معدات طبية أو أدوية للمصابين، ولا اتصالات هاتفية مع الخارج. يؤكد «حماد» أنه وخلال يومى 22 و23 أكتوبر وفدت مجموعات كبيرة من أفراد القوات المسلحة إلى السويس بلغ مجموعهم حوالى 5 آلاف ضابط وجندى، واضطروا إلى ذلك تجنبا للوقع فى الأسر، وكانوا مسلحين بالأسلحة الخفيفة فقط من بنادق آلية ورشاشات، وسبب وصولهم إلى السويس فجأة ارتباكا لدى المسؤولين فى المدينة، ولكن الجهود الصادقة ذللت جميع المشكلات، وكذا توفير وسائل إعاشتهم، وكان وصول هؤلاء العسكريين من حسن حظ السويس، فقد أدوا دورا مهما فى الدفاع عن المدينة، وبهؤلاء بلغ عدد الموجودين فى السويس طبقا لـ«حماد» عشرة آلاف فرد، منهم خمسة آلاف تبقوا من مجمل السكان الذين تم تهجيرهم بعد نكسة 5 يونيو 1967، والـ«5 آلاف» معظمهم من الجهاز الحكومى ورجال الشرطة والدفاع المدنى وموظفى وعمال شركات البترول والسماد بالزيتية. تلقى بدوى الخولى محافظ السويس أول نبأ رسمى عن التحركات الإسرائيلية من العقيد فتحى عباس، مدير مخابرات جنوب القناة فى الساعة الخامسة والنصف مساء يوم 23 أكتوبر، وأبلغه أن الدبابات الإسرائيلية وصلت إلى منطقة شركات البترول بالزيتية، وأنها فى طريقها إلى منطقة الأدبية، ويذكر «حماد» أنه بناء على دعوة المحافظ انعقد مؤتمر عسكرى بالمحافظة فى الساعة السادسة مساء، رأسه المحافظ وحضره اللواء محيى خفاجى مدير أمن السويس، والعميد عادل إسلام المستشار العسكرى للمحافظ، والعميد كمال السنهورى قائد محطة السويس العسكرية، وقائد كتيبة الدفاع الإقليمى، لبحث إجراءات الدفاع عن المدينة وتأمين مداخلها والاستعانة بالقوات العسكرية، التى قدمت أخيرا إلى المدينة، وقوات الدفاع الشعبى المكونة من «فرق حماية الشعب»، تحت إشراف لجنة الدفاع الشعبى بالتنظيم السياسى بالمدينة «الاتحاد الاشتراكى»، و«منظمة سيناء العربية» التى أنشئت عقب حرب 5 يونيو 1967 وانضم إليها عدد من أبناء السويس، وتلقوا تدريبا خاصا بواسطة المخابرات الحربية فى السويس للقيام بعمليات خلف خطوط العدو. وهكذا استعدت المدينة للمقاومة، ولم تنم طوال الليل فى انتظار وصول القوات الإسرائيلية فى اليوم التالى «24 أكتوبر».



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;