قال الروائى العراقى أحمد سعداوى، الفائز بجائزة الرواية العربية "البوكر" عام 2013 عن روايته "فرانكشتاين فى بغداد" إننا بحاجة إلى أن تزدهر الرواية فى العالم العربى لأنها تساهم فى زيادة الوعى، أما الشعر، فعلى الرغم من أنه خلاصة الفنون، إلا أنه يعفى المهتم به من التعرف على العلوم الأخرى.
جاء ذلك خلال استضافة الروائى العراقى أحمد سعداوى، فى برنامج "ثقافة" على قناة فرانس 24، بمناسبة صدور الترجمة الفرنسية لروايته "فرانكشتاين فى بغداد"، بعد مرور ثلاث سنوات على فوز روايته بـ"البوكر".
وأشار أحمد سعداوى إلى أنه بدأ الكتابة فى رواية "فرانكشتاين فى بغداد" فى الفترة من 2008، وحتى 2013، وفى هذه الفترة كان العراق يشهد نوعاً من إنجاز الصفقات بين المجموعات السكانية الكبرى، كما تم القضاء على الميلشيات الشيعية، وارتفعت سمعة القوة الأمنية الشرعية، الجيش والشرطة، وتم الاتفاق مع العشائر، والقضاء على القاعدة.
وأضاف "سعداوى": كانت المفارقة هى أننى كنت أقول لنفسى أننى أتحدث عن تجربة انتهت، وهى تجربة الحرب الأهلية، ولكن المفارقة أنه بخروج آخر جندى أمريكى اندلعت أعمال العنف بشكل كبير وواسع، وعدنا إلى نفس المستنقع الذى خرجنا منه، والمفارقة الأخرى والأكبر، وهو ما أشار إليه بعض القراء والنقاد، أننى حينما كنت أكتب هذه الرواية لم يكن يخطر ببالى ما يسمى بـ"الربيع العربى"، فقد كان العراق هو المنطقة الساخنة الوحيدة، ولكن عشية صدور الرواية فى نسختها العربية، ردد البعض عبارات مثل "فرانكشتاين فى صنعاء"، ما جعل البعض يقول عنها رواية ما بعد الربيع العربى.
وأكد "سعداوى" على أنه لو عاد به الزمن للوراء قليلاً لم يكن ليغير أى شىء فى هذه الرواية، مضيفاً: فلقد بذلت فيها أقصى جهدى، ومنحتها أفضل ما لدى فى وقت كتابتها، أما على مستوى المعطيات السياسية الحالية، فى العراق مثلاً، وانطلاق المعركة العسكرية لتحرير الموصل من داعش، فربما لكنت أشرت إليه بشكل أو بآخر، وهو ما حدث بالفعل فى روايتى الجديدة، فهناك إشارة إلى داعش.
وتابع "سعداوى": فالرواية دائماً تتحدث عن المعطيات الواقعية، ولكنها تعيد صياغتها فى شكل خيالى، وربما هذا القالب الخيالى يعطى بعض النبوءات، ولكن برأيى أنه ليس من مهام القارىء أن يتنبأ، ولكنه ينشئ عالماً خيالياً لإعادة التدقيق فى الواقع، وإعادة قراءته.
وحول كيفية استفادته من أدب الرعب أو البوليسى العالمى، قال "سعداوى": تأملت مخطط الرواية طوال مرحلة الكتابة، فأنا على مستوى القراءة، أميل إلى الرواية المركبة، ولا تغرينى الرواية البسيطة المسطحة، ولهذا كنت حريصاً على عمل هذا المزج، بين الرواية الواقعية السياسية، ورواية الرعب، والرواية البوليسية، والرواية الفانتازية، والإحالات الميتافيزيقية، ففى الرواية نقاش حول المخلص والمنقذ وهذه موضوعات حيوية ومهمة جداً فى الأديان، ولهذا كنت حريصاً على نسج خمس مستويات أغزل فيما بينها لأنتج رواية متماسكة.
وحول رؤيته للأدب البوليسى فى العالم العربى، رأى "سعداوى" أنه غير مكرس لدينا، على الرغم من أننا نعيشه واقعياً.
أما عن اتجاهه للرواية، فى بلد يعرف بالشعر أكثر، فقال "سعداوى": كثيرون يعرفون أننى شاعر، وأننى أصدرت فى التسعينيات ثلاث مجموعات شعرية على نفقتى الخاصة، ولكننى أعتقد أن كل مجال فنى تعبيرى يؤدى غرضاً تعبيرياً لا يؤديه الآخر، وبرأيى أيضًا أننا فى العراق اليوم بحاجة إلى أن تزدهر الرواية أكثر، فالرواية اليوم هى حامل ثقافى مهم جداً، فالكاتب اليوم من خلال الرواية يساهم فى التوعية العامة، ونحن لدينا غزارة فى الانتاج الشعرى، والشعر مهم جداً، فهو خلاصة الفنون، ولكن فى بعض الأحيان الاتجاه نحو الشعر يعفى المهتم بالشعر من التعرف على الفلسفات والعلوم والتاريخ والنظريات السياسة، أما الرواية تفتح هذا الباب أمام الكاتب والقارئ معاً، ولهذا من الضرورى أن تزدهر الرواية لأنها سوف تسهم بشكل كبير فى زيادة الوعى.
هذا وتحكى رواية "فرانكشتاين فى بغداد"، قصة هادى العتاك، بائع الأدوات المستهلكة فى حى شعبى فى بغداد، والذى يقوم بلصق بقايا بشرية من ضحايا الانفجارات فى ربيع 2005 ويخيطها على شكل جسد جديد، تحل فيه لاحقًا روح لا جسد لها، لينهض كائن جديد.