فى كثير من مشكلات صنع القرار، يكون على صانع القرار أن يختار خيارا واحدا من بين عدة خيارات، فى ظل قدر محدود من المعلومات أو عدم وجود أى معلومات على الإطلاق، لحياة مليئة بالقرارات: كيف تختار شريكة حياتك؟ هل تنفق أموالك اليوم أم تدَّخرها للغد؟ مَنْ المرشح الرئاسى الذى يستحق أن تمنحه صوتك؟ هل تقبل الوظيفة الجديدة وتترك عملك الحالى؟ باستخدام أمثلة من واقع الحياة اليومية، يشرح الفيزيائى البارز هارولد دبليو لويس ما اكتشَفَه العلم بشأن القواعد التى تحكم عمليةَ صُنْع القرار الجيدة، وعملية صُنْع القرار غير الجيدة.
"كان أحد الملوك لديه عادةُ فى معاقَبة الآثمين بإرسالهم إلى ساحة لها بابان وخلف أحد هذين البابين يقبع نمر مفترس، وخلف الآخر، توجد سيدة جميلة، وعلى المذنب أن يختار أحدهما، وكان مصير من يختارون النمرً واضحا ومباشرا، أما من يختارون السيدة، فعليهم الزواج بها فى التو واللحظة، سواء أكانا يفضلان ذلك أم لا، وذات يوم تمت معاقبة رجل من الحاشية وكان وسيم الطلعة بتهمة الدخول فى علاقة عاطفية مع ابنة الملك، وحكم عليه فى حينه بالعقوبة التقليدية فى الساحة، ونجحت ابنة الملك قبل الحدث فى معرفة أى باب سيخفى وراءه أى مفاجأة، وعانت طويلا ِّ فى الاختيار ما بين إرسال حبيبها إلى الموت، أو التخلى عنه نهائيٍّا لامرأة أخرى؛ ولم تكن هناك أية اختيارات أخرى. وفى النهاية، فى الساحة فى اليوم الموعود، نظر الرجل إليها، كما كانت تعرف أنه سيفعل، وأشارت له نحو الباب إلى اليمين؛ ففتحه".. هذه القصة القصيرة المشهورة للكاتب فرانك آر ستوكتون، والصادرة عام ١٨٨٤ بعنوان «السيدة أم النمر؟» استشهد بها الكاتب هارولد دبليو لويس فى كتابه "لماذا تعتمد على الحظ.. فن وعلم اتخاذ القرارات الصائبة"، ترجمة شيماء الريدة ونهلة الدروبى، ومراجعة محمد فتحى خضر، وصادر عن مؤسسة هنداوى.
الكتاب يؤكد لا مفر من اتخاذ القرارات، أحيانًا نتخذ القرارات فى غمرة لحظات السعادة، وأحيانً فى غيرها؛ أحيانًا فى حياتنا المهنية أو العملية، وأحيانًا فى غيرها؛ أحيانًا من أجل ربح أو لأننا قررنا أنه قد حان الوقت لاتخاذ قرار،. .. ومهما كانت الأسباب لابد أن نؤدى هذه المهمة غير معتمدين على الحظ، وفالكتاب يهدف عن صناعة القرارات بمهارة، لكنه يؤكد أن ليس معنى ذلك أننا سنتوقف عن الوقوع فى الخطأ كما أنه يعلمنا أن النتيجة النهائية لا تعد طريقة فعالة للحكم على جودة الأداء وقت اتخاذ القرار، فالأمور السيئة تقع فى كل حال.
والكتاب يقصد بالقرار الصائب أنه أفضل قرار يمثل أفضل ما يمكن أن نفعله فى ظل ما نعرفه فى ذلك الوقت، فإذا بذلنا أقصى ما فى وسعنا وكان تفكيرنا عقلانيا سنكون قد فعلنا كل ما هو متوقع منا ، وما يقع خارج نطاق سيطرتنا لا حيلة لنا فيه.