إن موافقة المصريين على دستور ثورة 30 يونيو تعتبر علامة فارقة فى تاريخ نضال الشعب المصرى طلباً للحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وكان يجب أن يكون قرار الأغلبية الساحقة من المصريين بالموافقة على الدستور فى يناير 2014 إيذاناً ببداية مرحلة يتحمل فيها الشعب المسئولية الكاملة باعتباره صاحب السلطة والسيادة فى تقرير واختيار طريقه نحو المستقبل وإقامة العدل والمساواة بين جميع أبناء الوطن، وإعمال القانون فى حق من أساء إلى الوطن والمواطنين، والقصاص العادل من الإرهابيين، وهذا ما يراه كتاب "إشكاليات .. الدستور والبرلمان" للدكتور على السلمى نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق، الصادر عن دار سما للنشر والتوزيع.
كما يرى الكتاب، أن الشعب مسئول عن تفعيل المبادئ والقيم التى جاء بها الدستور فى ديباجته والتى نصت على أن "نحن نؤمن بالديمقراطية طريقاً ومستقبلاً وأسلوب حياة، وبالتعددية السياسية، وبالتناوب السلمى للسلطة، ونؤكد على حق الشعب فى صنع مستقبله، هو ـ وحده ـ مصدر السلطات، الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية حق لكل مواطن، ولنا ولأجيالنا القادمة ـ السيادة فى وطن سيد".
ويقول الكاتب، إن الدستور حدد واحد وسبعين [71] موضوعاً ألزم الدولة بها تشمل تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين وعدم التمييز بينهم لأى سبب، كما ألزم الدولة بحماية المرأة والحفاظ على حقوق العمال، وتكريم شهداء الوطن ورعاية مصابى الثورة، وألزم الدستور الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى لا تقل عن 10% من الناتج القومى الإجمالى للصحة والتعليم والتعليم العالى البحث العلمى على أن تتصاعد تلك النسبة حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وألزمها أيضاً بالتدرج فى تخصيص تلك النسبة على أن تكتمل بدءاً من موازنة عام 2016/ 2017.
ويوضح الدكتور على السلمى فى كتابه، أن من أهم ما حفل به الدستور الجديد أنه ألزم الدولة بحماية قناة السويس وتنميتها، والحفاظ عليها بصفتها ممراً مائياً دولياً مملوكاً لها، وتنمية قطاع القناة، باعتباره مركزا اقتصاديا متميزاً، كما ألزمها الدولة بحماية نهر النيل، والحفاظ على حقوق مصر التاريخية المتعلقة به، وترشيد الاستفادة منه وتعظيمها، كذلك ألزم الدستور الدولة بحماية مياهها الجوفية، واتخاذ الوسائل والتدابير اللازمة للحفاظ على البيئة المادية صحية سليمة، وحمايتها، وعدم الإضرار بها، كما ألزمها بالحفاظ على الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة.
ويؤكد كتاب "إشكاليات.. الدستور والبرلمان" للدكتور على السلمى، أن تلك الالتزامات والمهام والضمانات التى حددها الدستور للدولة توجب عليها ـ بنص الدستور ـ إصدار القوانين المنفذة لها، وهنا تتحدد مسئولية الشعب والأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى وهيئاته الوطنية التى شاركت بالرأى فى صنع الدستور وإقراره، أن تباشر مسئولياتها فى الضغط سياسياً وشعبياً من أجل إصدار تلك القوانين المعبرة عن أهداف الدستور والمحققة للنتائج التى تضمن التحول الديمقراطى والتنمية الشاملة للوطن.
ويقول الكاتب اليوم يشارك مجلس النواب الجديد ـ بعد استكمال الانتخابات التشريعية ـ فى تحمل المسئولية التى خصه بها الدستور، والقيام بكل ما قصد إليه من تطوير للوطن والحفاظ على حقوق المواطنين، إن مسئولية مجلس النواب جسيمة وتتركز فى تفعيل الدستور وحمايته ليكون ركناً أساسياً فى بناء الوطن الجديد.