كان علم الاقتصاد السياسى يركز قبل سميث على إثراء الملك والدولة بسبائك الذهب والفضة من أجل تمويل الحروب الخارجية، وعندما نشر كتاب "ثروة الأمم"، أعاد توجيه أنظار الاقتصاد السياسى إلى إثراء المستهلك من "الناتج السنوى للأرض والعمل"، هكذا تحدث الكاتب إيمون باتلر، عن آدم سميث فى الكتاب الذى يحمل اسم الأخير.
ويتكون الكتاب بمقدمة عن حياة "سميث" الشحصية والمهنية بجانب أعمال نقدية وعروض لكتبه مثل ثروة الأمم ونظرية المشاعر الأخلاقية، كما يحتوى على بعض من محاضراته وكتاباته الأخرى.
ويرى الكاتب أن "آدم سميث" الذى عاش فى القرن الـ18 الميلادى قام بعمل كتابه "ثروة الأمم" مدفوعا بعدة أسباب، منها أنه كان يرغب فى تشجيع السياسيين على التخلى عن سياسة تقييد التجارة وإبعادها عن المسار الصحيح عوضا عن السماح لها بالازدهار؛ لذلك استخدم لغةً صريحةً لا تزال سهلة الفهم حتى يومنا هذا.
ويؤكد الكاتب أن سميث كان يحاول أيضا ابتكار علم اقتصاد جديد؛ بهذا الكتاب، فجاء عمله رياديٍّا، وحفل بمصطلحات ومفاهيم قد يصعب التوفيق بينها وبنى مصطلحات ومفاهيم أيامنا هذه فيقول: ليس هناك فى الكتاب أوضح من الموضوع الذى جاء بصدده أن "ضوابط التجارة غير قائمة على أساس سليم وتأتى بنتائج عكسية". كانت النظرة السائدة فى أيامه هى الفكرة التى ترى أن ثروة الأمة هى مقدار ما تمتلكه من مال، وهذا يعنى ضمنًا أن الأمة إذا أرادت أن تكون أكثر ثراءً، فهى تحتاج إلى بيع أكبر قدر ممكن مما تملكه للآخرين، وأن تشترى أقل قدر ممكن من الآخرين وذلك كى تحول دون تسرب احتياطها النقدى إلى الخارج.
ويؤكد الكاتب أيضا أن هذه "القدرة الإنتاجية تستند إلى تقسيم العمل"، وإلى ما يتيحه من "تراكم رأس المال"، ويمكن تحقيق مردود هائل عبر تقسيم الإنتاج إلى العديد من المهام الصغيرة، حيث تتولى كل منها أيد متخصصة، وهذا يتيح للمنتج فائضا يمكن تبادله مع الآخرين، أو استخدامه للاستثمار فى آلات موفِّرة للعمل، أحدث وأكثر كفاءة.
وعن كتاب "نظرية المشاعر الأخلاقية"، يقول الكاتب: "الكتاب بمنزلة فتح علمى حقيقي؛ فهو يبين أن أفكارنا وأفعالنا الأخلاقية ليست إلا نتاجا لطبيعتنا باعتبارنا كائنات اجتماعية. وتابع "وِرد فى الكتاب أن المنهج النفسانى الاجتماعى هذا يرشدنا على نحو أفضل من المنطق ويوجهنا نحو الفعل الأخلاقي. ويحدد سميث فى كتابه القواعد الأساسية ل "الاهتمام بالنفس" و"العدل" اللذين يحتاجهما المجتمع للبقاء، ويشرح الأفعال الإضافية "الخيرية" التى تمكنه من الازدهار.
ويرى الكاتب أن سميث كانت من ضمن آرائه أن الطبيعة قد منحتنا شيئًا أكثر سرعةً من العقاب، وهو النقد الذاتي؛ فنحن مراقبون محايدون، وهذه المراقبة ليست فقط لأفعال الناس، وإنما لأفعالنا أيضا، فتنقسم أنفسنا بنى الفاعل والقاضي. وهذا القاضى الداخلى لا يطلب مجرد الثناء على الآخرين؛ إذ نرغب أن نكون "جديرين" بالثناء أيضا، ولن نقنع إلا عندما نُحس بأننا نستحق رأى الآخرين فينا بجدارة.ويعقب المؤلف حول كتابات سميث قائلا: "إن كتابات سميث الأقل شهرة ربما تمثل تحديًا أمام القارئ المعاصر ملا بها من عمق ثقافى.