صدر حديثًا، للشاعرة والإعلامية اللبنانية ندى حُطيط "لا مدينة تلبسُني" عن دار الفارابي للنشر، ويتألف الديوان من 67 نصًا متوسط الطول.
تعنى قصائد حطيط بالجسد، ليصبح نقطة "مركزية" لنصوص الديوان، مهتهمة بتفاصيله، وطارحة رؤية أوسع عن الجسد، ومتخلصة من شَرك اختزاله في الأعضاء الجنسية، ومع ذلك فالذات الشاعرة لا تخجل منها، انطلاقًا من كون الكتابة عملًا صريحًا ونضاليًا لا يعرف المواربة، ولابد من كتابة مشاعر كل عضو جسدي دون الحياء من ذلك.
وتعتبر "حُطيط" من شعراء جيلها المميزين الذين استطاعوا أن يصنعوا بصمة خاصة بهم فى القصيدة، وذلك من اختيار عوالم مميزة ولغة مختلفة وصور شعرية مثقلة بالمعانى. وهي إعلامية أيضًا تعيش في العاصمة البريطانية، عملت من قبل كمذيعة أخبار ومقدمة برامج سياسية في قنوات Mbc وتلفزيون الكويت و"الغد العربي" بلندنن تكتب مقالات نقدية بصفة دورية في صحف "الشرق الأوسط" و"القدس العربي"، حاصلة على دبلوم دراسات عليا في الإخراج والتمثيل في لبنان، وماجستير في صناعة الأفلام الوثائقية من جامعة كيغنستون في لندن، ولها قيد النشر رواية بعنوان "قالت له جوري"
ومن أجواء الديوان:
وأنا عائدة من غبار الطريق
من اشتعالِ المارَّةِ على أوْراكي
رأيتُهم يعبرونَ الغيمَ، كالسنونو المبتّلِ بالعظمة
رأيتُهم يكبرونَ كالطاووسِ، المُصابِ بالاشتهاء
يكبرونَ دون أن تتجَعَدَّ العِظام
ودون أن تُجلّدَ في تشققاتهم السدوم
لا يغتسلونَ بالأمواج
لا يُخاطرونَ بالحنين
لا يُغيرونَ ملامحَ الزجاج
تنتشي بهم الطرقات
رواحِلهم ترتدُّ من الضباب
ضبابهم لا يغشي
يزهرُ في البنفسج، الذي لا يمتقِعُ من الْفَقْد
رأيتُ المارة يمرونَ على مُدنِهم
ففاضَ حمامِيَ الزاجل بتغريدةِ الغراب
أنا التي لا مدينة تلبَسُني
ولا مدينة تقضُمُ بأسنانها،شهوة الغياب
مدينتي أصغرُ من البرد
مدينتي أصغرُ من الروح، وأقلُّ من البقاء
مدينتي كلُّ أزرار أثوابِها احترقت بالسّل
رأيتهم يعبرون الغيمَ كالسنونو، المبتّلِ بالعَظَمة
وأنا أعبرُ ذاكرتي إلى مدينةٍ
أصغر من الروح، وأقلّ من البقاء