متى يكف المتطرفون أذاهم عن نجيب محفوظ؟"، كان هذا تساؤل للكاتب الدكتور أحمد كمال أبو المجد، كتبه فى مقال نشر له بجريدة الأهرام إبان محاولة الاغتيال التى تعرض لها صاحب نوبل فى أكتوبر 1994.
الهجوم هذا المرة على صاحب "الثلاثية"،لم يأت من شيخ أزهرى أو قيادى سلفى أو أحد من قيادات جماعة الإخوان، كالشيوخ الراحلين محمد الغزالى وعبد الحميد كشك، والسجين عمر عبد الرحمن، أو القيادى السلفى عبد المنعم الشحات، وحازم صلاح أبو إسماعيل، الذين كانوا يتبارون دائما فى الهجوم على "الحائز على نوبل فى الآداب"، بل جاءت من أحد ممثلى محافظة دمياط بمجلس النواب.
الغريب فى الأمر أن لا أحد ممن هاجموا الأديب الراحل، قرأ واحدة من أعمال نجيب محفوظ، حتى الشابين الذين حاولا اغتياله "لم يقرآ حرفا واحدًا من هذه الأعمال"، بحسب شهادتهما أمام المحاكمة، كذلك عبد المنعم الشحات بنى هجومه بناءً على أفلام المخرج الكبير حسن الإمام التى استندت إلى روايات محفوظ.
المحير أيضا أن النائب أبو المعاطى مصطفى، قال فى تصريحات لـ"انفراد" لتأكيد وجهة نظره فى أعمال محفوظ: "قرأت لنجيب محفوظ عندما كنت صغيرا روايتى الجبل والحرافيش، ولست ناقدا أدبيا لتقييم أعماله، هو كاتب رائع ومحترم ولكنه عبر عن القاع المصرى بشكل خارج وفظ"، وهنا كان الخطأ الأكبر الذى ربما وقع فيه النائب، فعضو البرلمان نسب رواية "الجبل" رائعة الأديب الراحل فتحى غانم التى طبعت عام 1988.
الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى بجامعة القاهرة، أكد فى تصريحات خاصة لـ"انفراد" أن رواية "الجبل"، و"جميع أعمال نجيب محفوظ" لا تحمل أى خدش للحياء.
وأضاف "أستاذ الأدب العربى" قائلا: "هذا النائب أو غيره، حكموا على أعمال محفوظ من خلال وسيط وليس من خلال قراءة أعماله، هذا الوسيط يتمثل فى بعض الأفلام التى كانت مأخوذة عن بعض روايته أو قصصه، وربما كان الوسيط، وهذا هو الأسوأ مجرد آراء شائعة عن تجربة محفوظ، الفيلم السينمائى يرتبط أولا وأخيرا بالقائمين عليه، المخرج والسيناريست والفنيين إلى آخره".
وأوضح "حمودة" أن "موقف نجيب محفوظ من الأفلام التى أخذت من أفلامه معروف، وصرح أكثر من مرة بأنه مسئول عن نصوصه الأدبية فقط وليس عن الأفلام والمسلسلات التى عالجت هذه النصوص، وبالتالى هذا النائب يحكم على عمل ينتسب إلى حسن الإمام أو غيره من المخرجين وليس منتسبا لنجيب محفوظ، وتابع: "هذا فى حالة الحكم على الأفلام السينمائية، أما الحكم على أقاويل شائعة عن محفوظ، فهذه مأساة كبرى، ونحن نعرف أن هذه المأساة وصلت إلى قمتها، مع محاولة اغتيال نجيب محفوظ، فالشبان الثلاثة الذين حاولوا اغتياله، لم يقرأ أحد منهم أى عبارة كتبها نجيب محفوظ".