"هدنة مؤقتة" عنوان الرواية الجديدة للروائى عصام راسم فهمى، والتى صدرت مؤخراً عن "دار إبداع"، وتعتبر "هدنة مؤقتة" الجزء الثانى لرواية "راسم" الأولى "الحكروب"، والتى صدرت طبعتها الأولى عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، والثانية عن دار نشر "الجنوبى" للنشر والتوزيع، ورغم كونها الجزء الثانى إلا أنها تشكل حدثًا قائمًا بذاته.
فمع أول سطر تظهر جماليات اللغة الروائية جلية، حيث تتسم لغة "راسم" فى هذه الرواية بالشعرية، كما تبرز براعته كروائى على مستوى تشكيل العبارة فتشعر معه أن الفعل العادى يمكن أن يكون مغايرا عبر تصويره بلغة مختلفة، كما يستفيد الروائى من مخزونه اللغوى الكبير ليسرد الأحداث مطعمًا إياها برؤية خيالية حية لكل المفردات البيئية، والتفصيلات الريفية المعاشة يوميا.
يسرد "راسم" -من خلال أناس يعانون التشظى والانقسام-أحداث روايته ليمر بعدد من الدروب التى ترصد المشكلات الحياتية فى جبل "الحكروب" بأسوان، من صعود التيارات الدينية واستغلال الدين وخطابه فى الرواج للعنف، الزواج والعادات والتقاليد التى بليت ومازال البعض متمسكا بها، والكثير من المشكلات التى تواجه المجتمع الجنوبى بكافة أطيافه.
تصنع رواية "هدنة مؤقتة" جديلة مضفرةً بقوة مفرداتها الهم الشخصى والهم العام والحلم، حيث ينتقل الكاتب بين شخصيات روايته بسلاسة ليكشف الزيف المربوط على الصدور والانقسام الحاصل فى الوعى بين أبناء القرية الواحدة والبيئة الواحدة.
ويعمد "راسم" إلى أن الكل يملك الإنسان لكن قليلا من يدرك وجود الإنسان بداخله والكثير تعمدوا اسقاطه فى بوهيمية مقصودة، ويدعو إلى عودة الإنسان الحقيقى منقوصا من كل ما يعطل قيامه.