مدحت صفوت يكتب: زوبعة غادة السمان.. بنت ثقافة التلصص

لا شيء يعلو فى الأوساط الثقافية على النميمة، فالمثقفون العرب -إلا من رحم ربه- يثبتون أنهم مصابون بالانفصال عن الواقع، ينشغلون بـ"التلصص" فى الوقت الذى يطالبون فيه باحترام الحريات الفردية، الأمر الذى نتحقق منه مع ما كشفت عنه الروائية السورية غادة السمان عن رسائل حب من الشاعر أنسى الحاج لها 1963م، التى جمعتها فى كتاب أصدرته خلال معرض بيروت للكتاب بعنوان «رسائل أنسى الحاج إلى غادة السمان» (دار الطليعة). ديكتاتورية الأنظمة لم تهزمنا، كما لم يهزم تفوق الحلفا دولَ المحور، لكن ما يجرنا إلى واقعنا الرديء ثلة من العوامل فى مقدمتها مثقفون ينصرفون عن أخطار تحيط بنا من كل جانب، لتصبح قصاصات الغزل شغلنا الشاغل. ليس هذا موقفًا رافضًا للحب، وإنما نرفض المتاجرة به. السمان مولعة برسائل حب الأدباء الكبار، شغوفة بجرى الكتاب المشهورين وراء جمالها "الأنثوى"، فسبق وأن نشرت ما عُرف برسائل غسان كنفانى إلى غادة السمان 1992، ليصبح الكتاب الجديد بمثابة "نصف مفاجأة بالنسبة للسمان" و"مفاجأة" عن حياة مؤلف "الرأس المقطوع"، لما تكشف الرسائل عن «قصة» حب ولو متوهمة أو عابرة قامت بين الشاعر الذى كان فى السادسة والعشرين والكاتبة التى كانت تتهيأ فى العشرين من عمرها لدخول عالم الأدب وتحديدًا عالم القصة القصيرة فى بيروت التى قصدتها لتواصل دروسها فى الجامعة الأمريكية وكانت صدرت لها للتو أولى مجموعاتها «عيناك قدرى». السؤال هنا، ما الذى يمنع أن تكون غادة السمان هى من أوقعت "الكبار" فى حبها، فثمة قصص "مصرية" وعربية عن أديبات جميلات أوقعن كبار الأدباء ليصبحن "نجمات وسط ثقافي" مهترئ بالأساس، لكنه وهم الشهرة وأكذوبة النجومية الثقافية. غادة ليست نبية، ورايتها بالنسبة لنا ليست أكثر من رواية، ليست الأصدق بالطبع، فهى تدعى أنها لم ترد على رسائل أنسى ولم تكتب له، ما يشير إلى إخفاء جزء من "الحدث"، الأمر الذى سبق فى روايتها لقصة رسائل كنفانى، حين أخفت رسائلها إلى الأديب الفلسطينى بزعم أنها بحثت عنها لتنشرها فى الكتاب نفسه ولم تجدها وتحسرت على ضياعها. ربما يقول قائل، إن غادة السمان بنشر خطابات عشاقها تكسر "تابو" مجتمعي، تتحدى المجتمع وأعرافه البالية، لكن جوهر ما تنشره السّمان "فضائحي" الطابع، فلسنا أمام قصص حب حقيقية، وإنما أمام علاقات ليست طبيعية، ونتساءل لماذا لم تنشر الأديبة صاحبة الـ74 عامًا رسائل العاشق الولهان وقت أن كان حيًا؟ تثبت رسائل غادة السمان أنها بنت ثقافة التلصص، لا تختلف عن غيرها، بل هى المُتاجرة والرابحة بتلصص القارئ العربى على حياة الأدباء والكتاب، وبالطبع من قبلهم نجوم السينما والفن والموسيقى الأكثر شهرة من نظرائهم "الأدباء".



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;