اختتمت أمس بدولة تونس أعمال الدورة العشرين لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي تحت رعاية الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى وحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط . والذى نظمته إدارة الثقافة بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم " ألكسو " بالتعاون مع وزارة الثقافة التونسية.
وجاء البيان الختامى للمؤتمر ليؤكد أن الوطن العربى يمر بمرحلة تاريخية دقيقة واستثنائية أهم مميزاتها تراجع دور الثقافة في بناء المجتمعات بسبب التحديات المتزايدة على الصعيدين الداخلي والخارجي .
وأشار البيان إلى أهم التحديات التى تواجه العالم العربى كالتالى:
- تفاقم ظاهرة العولمة بما يصحبها من محاولات لفرض ما يسمى بالثقافة الشمولية والتي من نتائجها تهميش التقافات المحلية والخصوصيات الحضارية.
- التغيرات الجيوستراتيجية وما يترتب عليها من محاولات التجزئة وتأجيج النعرات الطائفية والمذهبية بما نتج عنه من تهديد استقلال الدول الوطنية.
- التحولات العميقة التي نتجت عن ذلك على مستوى بنية المجتمعات العربية من حيث الديمغرافيا والثورة الاتصالية وتزايد أعداد الشباب وتنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية .
- محدودية السياسات الثقافية العربية في مواكبة هذه التحولات.
- تنامي نزعات التطرف والعنف ونبذ الآخر والسعي إلى ترسيخ خطاب الغلو والتكفير وتزايد استقطاب الفئات الهشة من الشباب العربي نحو مشاريع التخريب والإرهاب وتدمير الذات
لقد أدت كل هذه التحديات إلى خلخلة بناء الهوية العربية والانتماء الوطني وهو ما يفرض بلورة مشروع ثقافي عربي يستجيب لرهانات اللحظة وتحدياتها ويجدد مكونات السياسات الثقافية بما يجعلها قادرة على مواجهة متطلبات هذه المرحلة الدقيقة.
وإذ يعبر الوزراء المسؤولون عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي عن انشغالهم العميق بهذا الوضع بمختلف عناصره ومظاهره، فإنهم يدعون إلى :
- تصور وتفعيل سياسات ثقافية قائمة على مبادئ التسامح والحوار وتدبير الاختلاف وبناء الائتلاف تبني انسانا ومواطنا عربيا نافعا لوطنه وفاعلا في مسيرة الحضارة الإنسانية
- العناية بالتراث بشقيه المادي وغير المادي والتعريف به باعتباره الواجهة الأساسية والرئيسية للتعبيرعن الذات وعن وعيها بتاريخها واعتزازها بثقافتها.
- الاهتمام باللغة العربية تدريسا واستعمالا وتطويرا من خلال التأليف والإبداع والبحث العلمي والترجمة منها وإليها وجعلها منطلقا للتكامل الثقافي الإنساني.
- تحويل المجتمع العربي من مجتمع استهلاكي للمضامين الثقافية المهيمنة إلى مجتمع ينتج المعرفة ويسهم من خلالها في بناء مستقبل مشترك للإنسانية.
- تيسير التبادل الثقافي الذي يسمح ببناء الوحدة الثقافية بين المواطنين العرب وباستدامتها .
- تعزيز التنسيق الثقافي العربي بما يخدم انسجام مكونات المشروع الثقافي العربي المستقبلي المتكامل والشامل.
إن رفع هذه التحديات من خلال مجهود مشترك بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والقوى الثقافية الحية من أجل احترام الحق الثقافي والتربية على قبول التنوع بوصفه عاملا من عوامل ثراء المجتمعات وقوتها، من شأنه أن يشكل حصنا منيعا ضد الفكر الاستئصالي المتطرف الذي أصبح ينتج الإرهاب بجميع أشكاله ويستنزف جهود التنمية المستدامة ويهدد كيان المجتمعات العربية دون استثناء.