كثيرٌ من الأحداث على كل المستويات ستظل عالقة فى الذاكرة الإنسانية مع انتهاء آخر أيام عام 2016، ومن بينها ما يتعلق بالحريات، حرية الرأى والفكر والإبداع، هذه الكلمات الثلاثة المرتبطة دائماً بعضها ببعض، سواءً فى مصر أو فى دول العالم العربى والأجنبى، ستظل عالقة على عدة مستويات، الأدبى، والسياسى، والدينى أيضًا، ذلك الثالوث الذى تصطدم به دائمًا.
أحمد ناجى.. خدش الحياء وعدم دستورية مواد الاتهام
فى مصر، ستظل قضية حبس الكاتب أحمد ناجى، بتهمة خدش الحياء العام، لنشر الفصل الخامس من روايته "استخدام الحياة" فى صحيفة "أخبار الأدى" عالقة حتى يتم تفعيل مواد الدستور المصرى، الذى ينص على أنه لا عقوبة بالحبس فى قضايا النشر، وذلك لعدم دستورية مادة الاتهام 178 من قانون العقوبات المصرى، ومخالفة هذه المادة لمواد الدستور الصادر بتاريخ 18 يناير 2014.
فالمادة 67 من الدستور تنص على أن: "حرية الإبداع الفنى والأدبى مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والأداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك، لا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بسبب علانية المنتج الفنى أو الأدبى أو الفكرى، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنيين أو الطعن فى أعراض الأفراد، فيحدد القانون عقوباتها، وللمحكمة فى هذة الأحوال إلزام المحكوم عليه بتعويض جزائى للمضرور من الجريمة، إضافة الى التعويضات الأصلية المستحقة له عما لحقه من أضرار منها، وذلك كله وفقاَ للقانون".
بينما نصت المادة 71 من الدستور على: "يحظر بأى وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية، أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، ويجوز استئناء فرض رقابة محددة عليها فى زمن الحرب أو التعبئة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن فى أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها بالقانون".
فاطمة ناعوت.. ازدراء الأديان وسوء الفهم والتأويل
تتمثل قضية الشاعرة والمترجمة والصحفية فاطمة ناعوت، فى عرض وجهة نظرها الشخصية على صفحتها الرسمية فى موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" حول شعيرة الأضحية، والتى أثارت جدلاً كبيراً فى ذلك الوقت، تسبب فى قيام شخص برفع دعوى قضائية متهماً إياها بازدراء الدين الإسلامى واحتقار سنة مؤكدة، لتنتهى القضية فى نهاية الأمر بالبحبس ٦ أشهر مع إيقاف التنفيذ، وذلك فى الاستئناف المقدم منها على حكم حبسها 3 سنوات بتهمة ازدراء الأديان.
ناهض حتر.. رسم كاريكاتورى وتهمة الإساءة للذات الإلهية والرد بالاغتيال
فى الخامس والعشرين من سبتمبر 2016، تم اغتيال الكاتب الأردنى ناهض حتر، فى العاصمة عمان، حيث قام مسلح مجهول بفتح النار على "حتر" الذى تلقى 5 رصاصات، 4 منها فى الرأس والصدر، والخامسة فى الساعد الأيمن، وذلك أمام قصر العدل بمنطقة العبدلى وسط عمان، حيث كان متوجهًا لاستكمال محاكمته بتهمة الإساءة للذات الإلهية.
وتعود الواقعة إلى أن ناهض حتر، وهو كاتب يسارى يبلغ من العمر 56 عامًا، قد اعتقل فى الثالث عشر من أغسطس بعد نشره رسمًا كاريكاتيريًا فى صفحته فى "فيس بوك" يحمل عنوان "إله داعش" للسخرية من أفكارهم، إلا أن هذا الرسم اعتبره البعض مسيئًا للإسلام.
أصلى أردوغان ونجمية الباى.. تدفعان ضريبة فشل الانقلاب فى تركيا
خلال عمليات التطهير التى نفذتها السلطات التركية فى أعقاب انقلاب فاشل فى منتصف يوليو، وتواجه حرية الفكر والإبداع والصحافة حالات كبيرة من الغلق والاعتقال تحت تهمة الانضمام إلى منظمات إرهابية، وفى أغسطس الماضى ألقت قوات الأمن التركية القبض على الكاتبة أصلى أردوغان ونجيمة الباى، مع العديد من الصحفيين وغيرهم.
وقد واجهت أصلى أردوغان مجموعة من الأحكام المطولة تصل إلى السجن المؤبد، إلا أنها فى النهاية حصلت على الإفراج المشروط طوال مدة محاكمتهما بتهمة التعاون مع صحيفة قريبة من الأكراد.
وعلى الرغم من هذا الحكم إلا أن أصلى أردوغان ونجيمة الباى لم تستفد أى منهما من الإفراج المشروط، وقال محاميهما، أردال دوغان لوكالة فرانس برس من أمام سجن إسطنبول حيث موكلته معتقلة، إنهما ستبقيان قيد التوقيف بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية، والمساس بالدولة وسلامتها.