إذا ما أردت أن تكون شخصًا مميزًا فى حياتك، فما عليك سوى أن تؤمن بنفسك، بما تحبه، وتجيد فعله.. ربما هذا ما يمكننا أن نستخلصه مما كتبه الكاتب عمر طاهر، وهو يتحدث عن أبلة نظيرة، تلك المرأة التى وصلت إلى العالمية من "باب المطبخ". فمن خلال كتاب "صنايعية مصر: مشاهد من حياة بعض بناة مصر فى العصر الحديث"، والصادر حديثًا عن دار الكرمة للنشر، فى القاهرة، والذى قام بتصميم غلافه الفنان أحمد اللباد، يمكننا أن نرصد بعضاً من ملامح حياة أبلة نظيرة التى قدم عمر طاهر لنعرف كيف وصلت هذه المرأة إلى العالمية.
1: هى امرأة مسيحية تلزمها قواعد دينها بأن تقضى أكثر من نصف العام صائمة، ولذا فإن أغلب طعامها فى عدد معين – حسبما يرى عمر طاهر – إلا أنها علمت مصر بمسلميها ومسيحييها لسنوات طويلة كيف يبدعون فى ساحات المطابخ.
2: اختارت أبلة نظيرة التخصص فى أمور المطبخ والتدبير المنزلى، لأن والدتها كانت تحرمها من دخول المطبخ خوفًا عليها.
3: حينما سافرت إلى لندن فى بعثة تابعة لمعهد معلمات الفنون لدراسة فنون الطهى وشغل الإبرة، لم تقضِ سنوات البعثة الثلاث فى إتقان أصناف طعام جديدة، لكنها تشربت فلسفة ما ساعدتها فى تقديم معالجة جديدة لتراث الطهى.
4: عقب عودتها من لندن مع بداية الثلاثينيات اختارت العمل فى مدرسة السنية الثانوية كمعلمة لمادة سمتها "الثقافة النسوية"، وفيما بعد أصبحت الثقافة النسوية مادة رئيسية معترفًا بها، اسمها "التدبير المنزلى".
5: حينما أعلنت وزارة المعارف عن مسابقة لتأليف كتاب فى الطهى تعتمده الوزارة كمنهج دراسى للفتيات، قبلها كانت نظيرة نيقولا قد صادقت أبلة بهية عثمان العائدة من بعثة مماثلة فى إنجلترا، فاتفقتا على تأليف الكتاب معًا، فكان كتاب "أصول الطهى" فى أكثر من 800 صفحة، وأهدت المؤلفتان الكتاب إلى مليكة مصر صاحبة الجلالة الملكة فريدة، وقالتا فى مقدمة الكتاب إن سببين وراء العمل عليه: الأول عدم وجود مراجع عربية فى هذا المجال، والثانى هو اتجاه الرأى العام لتنشئة الفتاة على فهم الحياة المنزلية، فكان لا بد من دعم ذلك بالعلم والأصول الصحيحة.
6: قالت أبلة نظيرة: مجموع ما حصلت عليه من الكتاب أنا وزميلتى السيدة بهية عثمان هو مبلغ 525 جنيهًا فقط، اقتسمناها بالعدل، فقد اشترت وزارة التربية والتعليم بهذا المبلغ البسيط حقوق نشر الكتاب منا عندما انتهينا من تأليفه عام 1942 وخصصته لمعاهد البنات، وقد طبعت منه الوزارة آلاف النسخ، نفدت كلها من الأسواق، وفى العام الماضى فقط صرحت لنا وزارة التربية والتعليم بأن نطبع نسخًا من الكتاب على حسابنا ونحصل إيراده، بعد أن استقر الكتاب فى معظم بيوت مصر طبعًا».
7: لم يكتف كتاب أبلة نظيرة وأبلة بهية بوضع لمسته على "نفس الطبخ"، بل اهتم بأرشفة كل الأكلات الممكنة فى تاريخ مصر وبكل ما هو وراء الطعام.
8: عندما عادت أبلة نظيرة من لندن نزلت بنفسها إلى ملاعب الطهى الشرقى لتتقنه، فكانت تقضى أيامًا طويلة فى محلات الحلوى لتتعلم أسرار صناعة الكنافة والبقلاوة. بعدها طبقت ما تعلمته فى لندن لتضع قوانين لكل طريقة طهى.
9: لاحظت محررة الشؤون الخارجية فى "أخبار اليوم" أن كتاب أبلة نظيرة هو أكثر ما تطلبه البعثات الدبلوماسية من القاهرة، ثم اكتشفت أنه طلب عرائس السلك الدبلوماسي، بخلاف الطلبة والطالبات المغتربين.
10: قال عنها ابنها فى حوار نشر على أحد المواقع الإليكترونية أنها ظلت تعمل بدأب حتى سن التسعين عامًا، ورحلت عام 1992.
11: قال عنها ابنها: برغم ما حصدته من تكريم كان لديها غصة من سخرية ممثل كوميدى منها فى إحدى المسرحيات واصفًا إحدى صفحات كتابها بأنه صفحة الوفيات.
12: قال عنها زوجها المهندس إسكندر عبد السيد، المفتش العام بمشروعات رى بحري، أنها :ست بيت بحق وحقيقى، تشرف على كل صغيرة وكبيرة فيه، وتقدم على المائدة أطباقًا شهية من صنع يدها وابتكار عقلها.. إن أبلة نظيرة لم تعد مثل أيام زمان تعد لهم كل يوم فى البيت طبق حلوى، فهى تكتفى الآن بإعداده مرة واحدة كل أسبوع فى يوم إجازتها.. لكننى أعذرها لضيق وقتها وكثرة أعمالها".