"مى زيادة، شخصية استثنائية، بكل ما تحويه الكلمة من معنى، امرأة عاشت بطقوس المستقبل وقوانيه فى ماض محفوف بالتأويلات وقصور الرؤيا، ولذلك فإن هذه الأديبة التى "خرجت عن النص" فى وقت مبكر، لا تزال تستهوى بحياتها وأفكارها أجيالاً جديدة.. ورغم ظهور أديبات بعدها، فإن الأضواء التى تسلطت عليها لم تتوجه إليهن"، هكذا تحدث الكاتب الدكتور خالد محمد غازى، فى مقدمة كتابه "مى زيادة.. سيرة حياتها وآدابها وأوراق لم تنشر".
والكتاب يتكون من ثلاثة فصول، تحدث المؤلف فيها عن روافد التكوين الأولى.. نفسية الأنثى وعقلية الأديبة، وعرض لنشأة مى زيادة وتعليمها وعلاقتها بالصحافة واللغة العربية"، أما فى" فى ذاكرة الزمن.. القيمة الأدبية والفكرية"، فكانت رحلة للكاتب لعرض أبرز أعمال وكتابات الراحلة متناولا الأعمال النقدية، كما استعان بصور مخطوطات أبرز رسائلها.
أما فى "مى وأقطاب عصرها.. من الربيع إلى الخريف" والتى يمثل الفترة الأبرز والأهم فى حياة الأديبة الراحلة فتحدث الكاتب عن علاقة "زيادة" بجبران خليل جبران والتى وصفها بـ"العلاقة الروحية"، وبحسب الكتاب بدأت العلاقة بين الراحلين بالإعجاب، وتطورت إلى علاقة فكرية، ثم إلى علاقة صداقة، تحولت لتلميح بالحب، حتى وصلت للحميمة والروحية.
وبتناول الرسائل والخطابات بين مى وجبران، يقول الكاتب إن "زيادة" فى علاقتها كانت "مغلوبة على أمرها" وذلك بحسب تعبيره لأن "مى" كانت تذوب حنانا ولهفة أمام كلمات جبران، ورغم تأكيد الكاتب على عدم شكه بتلك الرسائل إلا أنه ظل يسأل السؤال الأهم، "هل من الممكن أن تنشأ علاقة حب بين طرفين (رجل وامرأة) ولم يلتقيا أبدا طوال حياتهما؟".
الكاتب أيضا تناول علاقة مى بالكاتب الكبير عباس محمود العقاد، واستشهد الكاتب بكلمات العقاد، كدليل على حبه بمى "أحببت فى حياتى مرتين، أحببت "سارة" وهذا ليس اسمها الحقيقى، وإنما هو المستعار، أطلقته عليها فى قصتى المعروفة بهذا الاسم، وأحببت "مارى زيادة" الأديبة المعروفة باسم "مى".
واسشتهد الكاتب بقول الدكتور عبد الفتاح الديدى، عن علاقة العقاد بمى يقول: "يبدو أن هذه الفتاة لعبت أخطر دور فى حياة العقاد، لأنها أعطته السعادة وما لم يكن يخطر له على بال، لكنها وقفت أمامه ندا لند وناوأت رجولته وسطوته وكبرياءه، وصدمت أحلام العقاد بفرديتها واستقلالها وشبابها المتأنق المدرك لأصول العلاقات".
الكتاب أيضا تحدث عن علاقة زيادة بأحمد لطفى السيد، ورغم سرده للعدد من الرسائل بينهما وصفها بـ"العاطفة المشبوهة" ومع ذلك أكد "العلاقة بينهما من أقوى العلاقات الإنسانية فى تاريخهما"، كما تحدث عن أنطون الجميل والذى قال عنه، "وقيل إن أنطون الجميل كان متيما بحب مى، وأنه رفض الزواج – حتى وفاته-.
أما فى حديثه عن علاقة مى بمصطفى الرافعى، اكتفى الشاعر بسطور موجزة عن علاقتهما ربما أوضحها عندما تحدث قائلا "كانت مى تستقبله بحفاوة تليق بشاعر ينافس أحمد شوقى على إمارة الشعر، وكانت توليه عناية خاصة، وربما ذلك يرجع إلى أن الرافعى كان مصابا بالصمم".
الكاتب فى نهاية حديثه عن علاقات مى رأى أن حب الأدباء لميّ، لم يكن إلا إعجاباً بنبوغها وثقافتها المبكرة وشخصيتها الجذابة وأتم حديثه قائلا "وخلاصة القول إن "مى" ظلمت نفسها وظلمها المعجبون بها الذين ادّعوا حبها".