تبادل عبداللطيف البغدادى، رئيس مجلس الأمة المصرى، مع إحسان الجابرى، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب السورى، أعلام البلدين، وقبل كل منهما علم بلاده، وألقى الشيخ أحمد حسن الباقورى، وزير الأوقاف المصرى، كلمة باسم الحكومة المصرية، مرحبا بقيام الاتحاد بين مصر وسوريا.
كان الوفد البرلمانى السورى يزور مصر بدءا من مثل هذا اليوم «31 ديسمبر 1957» حسب الجزء الثانى من مذكرات محمود رياض «الأمن القومى العربى بين الإنجاز والفشل»، الصادر عن «دار المستقبل العربى - القاهرة»، وكان رياض وقتها سفيرًا لمصر فى سوريا قبل أن يشغل منصب وزير خارجية مصر «1964 - 1972»، ثم أمين عام جامعة الدول العربية «1972 - 1979».
كانت زيارة الوفد السورى ردًا على زيارة لوفد من مجلس الأمة المصرى ضم 40 نائبًا، برئاسة أنور السادات فى نوفمبر عام 1957، وكانت الأجواء فى سوريا حماسية نحو طلب الوحدة مع مصر، ويصف «رياض» هذه الأجواء بقوله: «كنت أحاول التخفيف من شدة التيار الوحدوى لقناعتى بأن الحماس السورى نحو الوحدة لا يكفى لنجاحها، وعندما كنت أوضح للسوريين، سواء البعثيون منهم أو غيرهم من السياسيين، أن الشعب فى مصر يحتاج إلى بعض الوقت حتى يلحقهم فى أمانيهم نحو الوحدة كانوا يبدون الدهشة».
يضيف «رياض» أنه كان يتحدث مع السياسيين السوريين عن الروتين المعقد فى كل بلد، وأن ما يسمعونه عن المشاريع، التى تقام فى مصر من فتح طرق وإقامة مدارس وبناء المصانع فى أشهر قليلة، وهى أمور كانت تبهر السوريين لا يعنى أن مصر قد تخلصت من البيروقراطية، وأن الوحدة المتعجلة قبل توحيد القوانين ستصدم المواطن السورى عندما يحضر إلى القاهرة عاصمة الاتحاد فيجد أنه يعامل كمعاملة الأجنبى تمامًا عندما يمر من الجمارك، وسيواجه اختلاف النقد والنظم الاقتصادية ثم يصدمه الروتين المعقد عندما يتعامل مع المصالح الحكومية»، يضيف رياض، أن أحدهم سأله، هل الروتين الذى تتحدث عنه أقوى أم عبدالناصر هو الأقوى؟ فأجبته دون تردد: الروتين هو الأقوى فهو أخطبوط امتدت أذرعه إلى الأعماق والتخلص منه يحتاج إلى مجهود جماعى وسلوك عام لا يستطيع فرد مهما بلغ من قوة أن يقضى عليه بمفرده».
ارتفعت درجة حماس المطالبين بالوحدة بعد انتخاب أكرم الحورانى رئيسًا للبرلمان السورى فى خريف 1957، وحسب كتاب «إشكاليات الوحدة - الجمهورية العربية المتحدة من الفكرة إلى الدولة» عن «دار المستقبل العربى - القاهرة»: «احتل الحورانى المنصب الثانى فى سوريا - وفقا للبرتوكول - مما أعطاه والبعث معه دفعة قوية فى صناعة القرار، واغتنم الحورانى أجواء الحماس، التى أعقبت وصول القوات المصرية إلى اللاذقية يوم 13 أكتوبر 1957 لمساندة سوريا فى مواجهة التهديدات التركية، ليدعو وفدا برلمانيا مصريا، برئاسة أنور السادات، رئيس لجنة الشؤون العربية.
وحسب رياض: افتتح «الحورانى» الاجتماع المشترك، الذى أصدر قرارا يعلن فيه رغبة الشعب العربى فى البلدين فى إقامة اتحاد فيدرالى، ويدعون حكومتى مصر وسوريا للدخول فورا فى مباحثات مشتركة بغية استكمال تنفيذ هذا الاتحاد، وفى اليوم التالى لإصدار القرار: «كانت الجماهير تخرج لاستقبال الوفد بحفاوة منقطعة النظير وينشدون: بدنا الوحدة باكر باكر ويا الأسمر عبدالناصر».
رد وفد برلمانى سورى الزيارة فى يوم 31 ديسمبر، وحسب فرسخ: «كان بين أعضاء الوفد السورى صلاح البيطار «وزير الخارجية السورى»، الذى اجتمع مع الرئيس جمال عبدالناصر، فلمس منه أنه لم يزل متحفظًا تجاه الوحدة، ويخشى من أن يقوم فى سوريا انقلاب عسكرى مضاد حال قيامها، وتدارس قادة البعث انطباعات البيطار عن اجتماعه بعبدالناصر، فتقرر أن ينشط فى صفوف الضباط لتحريك المطلب الوحدوى»، ويذكر «رياض» أن معروف الدواليبى، رئيس وزراء سوريا السابق، وعضو الوفد تقدم بسؤال عن الأسباب، التى حملت سليمان الحلبى على قتل الجنرال الفرنسى كليبر، القائد الفرنسى، أثناء حملة نابليون على مصر، فرد عليه الشيخ الباقورى بأن «الحلبى» من مدينة حلب، وكان جنديًا من جنود المقاومة العربية فقتل القائد الفرنسى، الذى ساهم فى العدوان على مصر، والتاريخ يعيد نفسه، فقد استشهد جول جمال فى معركة 1956 دفاعا عن القومية العربية».