حب الوطن يبدأ منذ الصغر، وعلماء الاجتماء يؤكدون أن الطفولة هى المرحلة الأهم فى إنتاج أجيال مستعدة للتضحية والدفاع عن وطنها، ففيها يبدأ تعلم الانتماء إلى الأرض، ووسائل التعلم لا آخر لها وعلى رأسها الكتاب، ومصر تاريخها يمتد عبر الزمن، وممتلئ بالمواقف المشرفة التى لا حد لها، فإن كثيرا من الكتاب شغلوا أنفسهم بصناعة الطفل عن طريق إضاءة التاريخ ومن ذلك رواية "أرض الموحدين- كمت".
وتبدأ رواية "أرض الموحدين- كمت" للروائى عماد الدين عدوى، والتى تصنف تحت قائمة أدب الناشئة بحكمة فرعونية قديمة تكاد توضح موضوع الرواية وغرض الكاتب من كتابته لها، حيث تقول: "كلّما ارتفعت لأعلى يا ولدى، وجّه نظرك إلى أسفل، حتّى لا تنسى نفسك، وتنسى مسئولياتك أمام الإله الذى رفعك"- من برديّة (أمنحتب بنك نخت).
وفى فصل تمهيدى من الرواية التى ستصدر خلال الدورة القادمة من معرض القاهرة الدولى للكتاب، يقول عدوى للناشئة الذين يهدف وصل روايته لهم، إن "أرضُ مصر"؛ كان يطلق عليها قديماً "كِمت" فى عصر أجدادنا المصريين القُدماء، فكلمة "كِمت" تعنى الأرض السّوداء، نسبة للّون طمى "النّيل"، الذى كان يأتى بالخير والخصوبة.
وتشير الرواية إلى أن أرض "كِمت" هى صاحبة الفضل فى خلق الحضارة لهذا العالم، مستعرضةً أن أرض المصريين الأوائل، هى الأصل فى الحضارة، فالفراعنة هم أوائل فى الزّمان، وكذلك فى العطاء الإنساني، وأن المصرى القديم كان دائماً الأول.
ويؤكد عدوى فى رايته "أرض الموحدين" أن المصرى القديم هو أول من عرف أيّام الأسبوع، وأول من أقام المراصد الفلكيّة، وأول من وضع قوانين إنسانيّة لتنظيم حركة الحياة، وأول من عرف التّوحيد، وأول من قام بتدريس الطّب والعلوم المختلفة، وأول من عرف مرض "البلهارسيا"، وأول من اكتشف علم التخدير، وأول من أجرى جراحات طبيّة، وأول من عرف مرض "السكرى" وطريقة علاجه، وأول من اكتشف "البنسيلين" والمضادّات الحيويّة، وأول من عرف نوع الجنين فى بطن أمّه، وأول من قدّس دُور المرأة فى الحياة واهتمّ بالطفل.
وحول تاريخ حركات التحرر والثورات ضد ظلم الحكام وفسادهم، تؤكد الرواية أن المصرى هو أول من هاج ضدّ الظّلم وقام بثورات اجتماعيّة، مؤكدةً أنه من واقع التاريخ المصرى أن التغيير الحقيقى لا يحدث إلّا إذا أخرجت الثّورات من داخل
الإنسان أفضل نتاجٍ وصلت له النّفس البشريّة، والذى يتمثّل في: " حب العمل، الاجتهاد، العلم، الإيثار، الإخلاص، التّعايش وقبول الآخر، وهذا أصل التحضّر".
وتنبه الرواية الناشئة إلى أن الثّورات إذا أخرجت الجوانب الأخرى من النّفس البشريّة، تلك الجوانب التى تتّسم بالظُّلمة، فعليهم أن يعلموا أنّ الأمر جلل، وأنّ الفوضى قادمة، وأنّ الأقدار غالبة، وأنّ الحاجة للعقلاء وأهل الحكمة أصبحت ملحّة.
ربما تلك المعلومات وما يدور من أحداث تاريخية داخل الرواية تكون معروفة لدى البعض مسبقاً ولكن كون الرواية موجهة للناشئة، يجل ورود كل هذه المعلومات التاريخية مبررة، لذا أكدت الرواية على دور من حفر التّاريخ أسماءهم، وظلّوا فى ذاكرة الزّمان والمكان، وأعطوا دروساً حقيقية للبشريّة.