ذات يوم.. «ديان» يقدم لـ«كيسنجر» مشروع لـ«فك الاشتباك مع مصر» ويتفقان على مفاجأة «السادات»

ذهب موشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلى، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، ومعه مشروع إسرائيلى رسمى للتفاوض مع الرئيس السادات. كانت الزيارة فى مثل هذا اليوم 4 يناير 1974، وجاءت فى سياق نشاط وزير الخارجية الأمريكية هنرى كيسنجر من أجل التوصل إلى اتفاق لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل بعد قرار وقف إطلاق النار لحرب 6 أكتوبر 1973، وحسب محمود عوض فى كتابه «وعليكم السلام» عن «دار المعارف - القاهرة»: «كان كيسنجر يريد التوصل بسرعة إلى اتفاقية لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل، تكون ملائمة لأبعد مدى، حتى يكون هذا فى حد ذاته عاملا ضاغطا إضافيا على سوريا، وسابقة تلتزم بعد ذلك بالانقياد خلفها، وهكذا ذهب «ديان» إلى واشنطن حاملا معه المشروع الإسرائيلى الرسمى». نص المشروع على: 1 - تبقى مصر فى الأراضى التى حررتها فى سيناء، فى شريط طوله عشرة كيلومترات تقريبا بمحاذاة الضفة الشرقية لقناة السويس. 2 - تنسحب إسرائيل من «الجيب» الذى توجد فيه بغرب القناة، وتنسحب فى الشرق لتبقى فى غرب مضايق سيناء محتفظة بها تحت احتلالها. 3 - ترابط قوات من الأمم المتحدة فى الوسط، فيما بين الخط المصرى والخط الإسرائيلى بسيناء، فى شريط عرضه عشرة كيلومترات تقريبا بمحاذاة الخط المصرى من الشمال إلى الجنوب، فتصبح على هذا النحو فاصلا بين القوات المصرية والقوات الإسرائيلية. 4 - تلتزم مصر بتخفيض وسحب قواتها فى منطقة الضفة الشرقية للقناة، لتتحول إلى قوة رمزية مكونة من ثلاث كتائب «حوالى 1800 جندى» بغير دبابات أو مدفعية أو دفاع جوى أو سلاح ثقيل عموما. 5 - تلتزم مصر بتخفيف وسحب قواتها غرب قناة السويس، فبعرض ثلاثين كيلومترا بطول الضفة الغربية لا يكون لمصر أكثر من ثلاثمائة دبابة وبلا دفاع جوى. كما نص المشروع على أن إسرائيل تريد ضمانات سياسية مثل تعهد مصر بتطهير قناة السويس وإعادة فتحها للملاحة، والسماح بعبور البضائع الإسرائيلية بها. يرى «عوض» أن هذا المشروع: «لم يكن بأقل من اتفاقية استسلام مصرى بالكامل، إنه مشروع لا يقبله إلا مهزوم من دولة منتصرة، فإذا كانت إسرائيل قد عجزت عن فرض مثل تلك الشروط على مصر من خلال الحرب، فالسخرية الشديدة أنها تأمل الآن فى فرضها من خلال مفاوضات سلام يقوم بها رجلها الأول فى واشنطن: هنرى كيسنجر». يؤكد «عوض» اعتمادا على مذكرات كيسنجر، أنه «تعبيرا عن الغل الشديد داخل كيسنجر ضد الجيش المصرى، فإن أول تعليق صدر منه إلى ديان على هذا المشروع هو: «هذه خطوة كبيرة إلى الأمام، هو مشروع طيب»، لكن «ديان» كان متأكدا من أنه لا أمل مطلقا فى أن يقبله مواطن مصرى واحد، فما بالنا بجندى أو ضابط؟! وبالتالى كان السؤال الذى شغلهما هو: «كيف يمكن ضمان مفاجأة الشعب المصرى والقوات المسلحة بمثل هذا الاتفاق؟». تبادل الاثنان المعلومات فى اجتماعهما المغلق بواشنطن، وحسب كيسنجر فى مذكراته، فإنه جرى مناقشة ثلاث وسائل، جرى استبعاد اثنين منها، واتفقا على الوسيلة الثالثة، وهى فكرة قالها ديان لكيسنجر: «لماذا لا تقوم أنت بالسفر إلى القاهرة؟»، وحسب عوض: «كانت الفكرة مدهشة وجذابة تماما لأنها، بكلمات كيسنجر، «تضمن لإسرائيل أن أقدم أنا هذا المشروع الإسرائيلى إلى السادات شخصيا، وبنفسى، وأن هذا أقصى ما يستطيع استخلاصه من إسرائيل»، ويرى «عوض» أن هذا المدخل يؤكد ما يريد كيسنجر ترويجه وهو: «إسرائيل عنيدة وصعبة وتحتاج إلى مجهود لإقناعها، وهى الصورة التى استسلم لها السادات». بعد الاتفاق على هذه الفكرة، حدثت مفاجأة غير سارة أصابت كيسنجر بقلق وهى، تقديم الوفد الإسرائيلى للمشروع إلى نظيره المصرى بقيادة اللواء طه المجدوب فى اجتماعات جنيف العسكرية، ووفقا لمذكرات كيسنجر، فإنه قال لـ«ديان»: «كيف يمكن أن أذهب إلى السادات وأقول له، إن هذا المشروع هو نتيجة لتفكير أمريكى إسرائيلى مشترك؟» فرد ديان: «أشعر بالمفاجأة أنا الآخر، يبدو أن العسكريين الإسرائيليين هم أكثر تعجلا مما توقعت». طلب كيسنجر التصرف بسرعة، وبالفعل خلال 48 ساعة أعلن ممثل الجانب الإسرائيلى أن الذى قدمه مجرد «صورة إيضاحية»، وهكذا تهيأ المسرح لمجىء «كيسنجر» إلى القاهرة ليقدم مشروع إسرائيل فى لقائه مع السادات يوم 12 يناير.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;