أصدرت سلسلة كتاب الهلال، لعدد شهر يناير 2017، كتاباً بعنوان "سفر فى سفر" للكاتبة مرفت رجب، والذى تقدم فيه بانوراما أقرب إلى شهادة على العصر، من خلال رحلات سياحة فى الكثير من الدول شرقًا وغربًا، وقال سعد القرش، رئيس التحرير فى تصريحات لـ"انفراد" أن الشاعر الكبير الراحل فاروق شوشة، كان قد كتب مقدمة هذا الكتاب قبل شهر من رحيله.
ويضم كتاب "سفر فى سفر" أربعة فصول: "سفر البلدان" تقدم فيه الكاتبة سردًا إنسانيًا عن دول أحبتها ومنها إيران وماليزيا واليابان وأنجولا. و"سفر الرجل" والذى تقترب فيه من عدد من أعلام الأدب ورواد الإعلام فى مصر، وهو ما فعلته أيضًا فى "سفر الأفلام" وسفر النفوس".
وفى هذا الكتاب لا تكتفى مرفت رجب بتسجيل المشاهد وتوثيقها، وإنما تذهب إلى ما وراء السطح، غير مكتفية بما يبدو للعين من أضواء، كما تقصى جوانب إبداعية وإنسانية لدى رموز شكلوا ذاكرة نهايات القرن العشرين.
وفى مقدمة الكتاب – بحسب ما ذكرت الهلال فى بيانها الصحفى - استدعى الشاعر الراحل فاروق شوشة سطورًا يخاطب فيها الشاعر الفرنسى شارل بودلير المسافرين:
أية حكايا نبيلة نقرأ فى عيونكم العميقة كالبحار.
أرُونا حقائب ذكرياتكم الثرية، حُلى الأعاجيب
المصوغة من النجوم والأثير.
نريد أن نسافر بلا بخار ولا شراع.
فدعوا ذكرياتكم فى أُطرها، تنسم من الآفاق
على أفكارنا الممدودة كالأستار، لتغمر
بالبهجة مضيق سجوننا
وقولوا: ماذا رأيتم؟
وقال إن الذى رأته الإعلامية الكبيرة مرفت رجب فى مجال الإجابة عن سؤال "بودلير" كثير وكثير، بل هو أكبر من أية إجابة متوقعة مهما كانت حافلة وممتلئة. وهذا الكتاب هو - فى جوهره - محاولة للإجابة، وأن رحلة مرفت رجب مع الإعلام المصرى، هى سخاء عطاءٍ وبذل، وتفان فى البناء والتشييد، وفتح لآفاق ومجالات، فى مستويات الأداء الإذاعى والتليفزيونى، والحفاظ على القيمة والجدوى بين مسؤولين كبار تغريهم البهرجة ويستهويهم الزيف، ويأنسون لتسطيح العقل وخواء الوجدان، وحرصها على ضرب المثل فى التضحية بالجهد والوقت، والصحة والعافية، والعطاء الذى لا يتوقف، والاستفادة من خلفيتها الثقافية العريضة، وحساسيتها الإنسانية المرهفة، وذكائها المتوقد، ويقظتها الاجتماعية والفنية والحضارية، كل ذلك جعل منها نموذجا صعبا، كما أتاح لتلامذتها ومريديها والمتدربين على يديها مساحة واسعة من بهجة المتابعة وجدوى الإفادة، والقدرة على اكتشاف الكنوز.
وقال فاروق شوشة: إن اللغة التى تكتب بها مرفت رجب، توحى لمن لا يعرف، أنها لغة سهلة وبسيطة، يحسنها كل الناس ويظن الجاهل أنه يحسنها بدوره، لكن جمالها كامن فى أنها تستعصى على التقليد والمحاكاة، لأنها فى حقيقتها ليست سهلة وليست بسيطة. وإنما هى لغة تجمع بين الحسّ الإعلامى اليقظ: المعنى بالتوصيل والتفاصيل، والحس الأدبى البديع: المعنى بالجمال وروعة العرض والتشويق، ويندمج الحسّان معا فى لغة مرفت وصياغاتها، ليصبحا هذا الأسلوب المقتصد، الزاخر بالمعرفة والكشف، والرائق المتوهج بالعذوبة والتدفق. إنه نمط من الأسلوب الجديد الذى دعا إليه يحيى حقى، وتفرد به فى قصصه يوسف إدريس، والذى تتوهج بعض صفحاته لأنها تغتنى بروح الشعر وحُميّاه، بالرغم من أنها كتابة نثرية.