سجل الفنان على الكسار اسمه فى الاستعلامات بمستشفى «قصر العينى»، وبعد أن سار عدة خطوات فى طريقه إلى داخل المستشفى توقف قائلًا لابنه «ماجد»: «تعالى يا ابنى لما نمليه كمان نمرة تليفون البيت»، ثم عاد إلى الموظف المختص، وقال له: «خد عندك كمان نمرة تليفون البيت 42548 علشان لما أموت تبلغوا البيت»، وحسب «ماجد الكسار»، فى كتابه «على الكسار فى زمن عماد الدين»، «الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة»، فإن والده دخل المستشفى لإجراء جراحة استئصال البروستاتا، وفاضت روحه فى يوم 15 يناير «مثل هذا اليوم»، 1957، على أثر إجراء العملية الجراحية، لتنتهى حياته التى يلخصها فى:
ولد يوم 13 يونيه، عام 1887، فى السيدة زينب بالقاهرة، وتوفى والده وهو طفل وتولته أمه بالرعاية والعناية وشجعته على ممارسة هوايته الفنية التى بدت عليه منذ طفولته. اسمه الحقيقى على خليل سالم إبراهيم، بدأ حياته الفنية عام 1908 بدار التمثيل الزينبى بالمواردى. حمل لقب أمه زينب، على الكسار، اسمًا فنيًا له، اعترافًا بجميلها ورمزًا على حبه لها، كون أول فرقة مسرحية تحمل اسمه عام 1916 على مسرح كازينو «دى بار»، بشارع عماد الدين، ولدت شخصيته الفنية التقليدية «عثمان البربرى» عام 1916، من مسرحيته الشهيرة آنذاك «حسن أبوعلى سرق المعزة» 1916. افتتح مسرحه الكبير «الماجستيك» بشارع عماد الدين فى 6 يناير عام 1919، ومعه شريكه وكاتب مسرحياته أمين صدقى، أول من قدم واحداً من الطبقات الشعبية على خشبة المسرح المصرى، متمثلًا فى شخصيته «عثمان عبدالباسط، وكان يؤديها كل ليلة على خشبة المسرح بعد أن يصبغ وجهه، أثر الشاشة البيضاء بعشرات الأفلام الكوميدية، ضم إلى فرقته مشاهير الفنانين، رتيبة رشدى وعلية فوزى ولطيفة نظمى وعقيلة راتب وحامد مرسى وإبراهيم حمودة وكارم محمود وزكى إبراهيم وعبدالعزيز أحمد، ومن الملحنين سيد درويش وزكريا أحمد وكامل الخلعى. خرجت من مسرحياته ألحان جديدة عرفت بألحان الطوائف عبرت عن معاناة تلك الطوائف الشعبية، الكناسين، الكمسارية، سعادة البوستة، العربجية. البويجية وغيرها. قدم روائع المسرحيات العالمية لجورج فيدو وموليير فى قالب مصرى شعبى».
فى مجلة «الاثنين»، وفى عددها «21 يناير 1957» كتب بديع خيرى عنه: «كان أقدر من غيره على التعرف إلى مختلف الأمزجة فى رواد مسرحه، فكان لا يختار من الموضوعات أو المفارقات الفكاهية إلا ما كان ذو صبغة مصرية بحتة، وليس فى هذا ما يؤخذ عليه، بل فيه ما يشرفه باعتبار أنه الفنان المتجاوب مع سواد الشعب».
أما الناقد الدكتور على الراعى، فيصفه فى كتابه «فنون الكوميديا»، قائلًا: «ممثل من نوع نادر يجمع بين القدرة على الخلق والقدرة على الأداء، ويتمتع بحس فنى مرهف يجعله يضع يده دائمًا على نبض الجماهير، ولد بقوة الموهبة الذاتية واستمر قويًا قادرًا مبدعًا حتى النهاية»، ويدافع «الراعى»عنه فى «روزاليوسف» «عدد 170 يوم 30 نوفمبر»، بعنوان: «لماذا نظلم الكسار؟» قائلًا: «ليس الكسار مجرد فنان أمى، إنه ممثل كوميدى ممتاز وهو عارف بفنه كأحسن ما يعرف الفنانون كل ما هنالك أن لون الكوميديا الذى كان يقدمه لم يتح له قط أن يوضع فى مكانه الصحيح، شهد الكسار وهو حدث كوميديا السيرك ثم تنقل مع الفرق الجوالة ومع فرقته هو عبر مصر كلها، وعرف الناس عن كثب ما يضحكهم وما يقدمونه هم أنفسهم من فكاهة تلقائية فوعى هذا كله، وقدمه على المسرح وكان من أبرز ما فعله على المسرح، فلأول مرة يصبح واحدًا من أفراد الشعب شخصية رئيسية فى المسرح فى وقت كانت البطولة فيه معقودة للأمراء والباشوات، وكان كل من عداهم خدمًا وموضع تندر من السادة، لقد جعل الكسار بطله «عثمان» ينقد السادة بل ويهزأ بهم فى أكثر من مسرحية وما هذا بالشىء القليل فى زمانه».
يضيف «الراعى»: «لو فهمنا نوع الكوميديا التى كان يقدمها ولو أتيح لأعماله العديدة التى اشترك فى تأليفها مع غيره أن تنشر لتبين أننا نظلمه أكبر الظلم حين نستبعده بكلمات قلائل على زعم أنه أمى وسطحى الفكاهة. صحيح أن الكسار لم يكن يعرف القراءة والكتابة ولكنه كان يعرف ما هو أهم من هذا كان يعرف فنه».