كما يحدث فى الأفلام المصرية تمامًا، تأتى واقعة سرقة خمس لوحات لأشهر فنان تشكيلى تعد لوحاته هى الأغلى فى العالم العربى، هو الفنان محمود سعيد، لتؤكد لنا جميعاً على أنه لا أحد يتعلم الدرس أبدًا.
فإذا ما نظرنا إلى كواليس سرقة لوحات الفنان محمود سعيد، سوف ندرك حقاً أنه لا كرامة لنبى فى وطن، ولو فكرت قليلاً وسألت أى شخص يعرف من هو محمود سعيد، وقلت له هل تتوقع سرقة لوحة واحدة – ناهيك عن خمس لوحات – سيرد عليك بكل ثقة "أنت عبيط؟".
فما حدث هو أن شخصًا قام بتزوير خطاب ممهور بتوقيع رئيس قطاع الفنون التشكيلية، الدكتور خالد سرور، للقيام بتصوير الأعمال داخل المخازن، نظرًا لعدم عرضها فى قاعات المتحف الحديث، وفى هذه النقطة فلا إثم على أحد هنا، ولكن النقاط التى تكشف التقصير، سواءً كانت الإدارة الأمنية أو الإدارات الأخرى، توضح الآتى:
أولاً: تكشف الكواليس أن عملية السرقة وقعت يوم الخميس الماضى، حينما تمكن هذا الشخص من الدخول للمخزن والقيام بعملية التصوير، وهنا علينا أن نسأل: هل من المفترض فى هذه الحالة أن نترك الزائر بمفرده وسط هذه الكنوز الثمينة؟ ألا يفترض أن يكون معه شخص ولو على مسافة بعيدة؟، فالتحقيقات تشير إلى أنه قام باستبدال خمس لوحات أصلية بأخرى مقلدة، ولك أن تتخيل تلك المدة الزمنية للقيام بهذا، أن يقوم بسحب اللوحة، ومن ثم يضع البديلة لها داخل الإطار.
ثانياً: هل من المفترض أن يقتصر التفتيش الأمنى عند العبور من البوابات الإليكترونية على القطع المعدنية فقط؟ لماذا لا يقوم أفراد الأمن بتفتيش الحقائب يدويًا ومعرفة ما تحتويه، ربما أمكن الأمن فى هذه الحالة اكتشاف الواقعة قبل حدوثها، أو بعد حدوثها أثناء خروجه من المخازن.
ثالثاً: وهو ما يثبت بشكل كبير أن هناك تقصيرًا يقع على العامل الإنسانى، فالكاميرات فى حقيقة الأمر لم تقصر، والسارق لم يراع أيضًا أماكن تواجدها، وهو ما سمح لها بالتقاط ملامحه والتعرف عليه بمنتهى السهولة، وساعد رجال الأمن فى القبض عليه فى أقل من 24 ساعة من معرفة الواقعة، لكن السؤال: أين كان رجال الأمن أثناء قيام السارقه بفعلته؟ هل منحوا ظهورهم للشاشات المراقبة أم غشيتهم النوم؟.
رابعاً: أين كانت إدارة المخازن طيلة هذا الأسبوع، منذ وقوع الحادثة وحتى اكتشافها؟، فمن المؤكد أننا لا نعرف النظام المتبع لعمليات الجرد، وهل من المفترض أن تتم بشكل يومى أو لا؟، لكن ما نعرفه أن أمينة المتحف هى التى اكتشفت الواقعة بخبرتها التى مكنتها للتفريق بين اللوحات الأصلية، والمقلدة، والسؤال الذى يفرض نفسه هنا ويتمثل فى عدد من السيناريوهات، مثل ماذا لو لم يتم اكتشاف الواقعة مبكرًا؟، أو حدثت أية تطورات شغلت العاملين فى القطاع عن عملية الجرد – على سبيل المثال – مثل تغير القيادات وما إلى ذلك، فى النهاية كان مصير لوحات أشهر وأغلى فنان مصرى عربى هو الضياع إذا ما كان هذا الشخص قد فكر فى الهرب خارج البلاد.
وفى النهاية لا يصح أن يفرح قطاع الفنون التشكيلية ويهلل للقبض على السارق، لأنهم تأخروا أكثر من أسبوع فى مراجعة الكاميرات وهو أمر كان يجب عليهم أن يتم بشكل يومى.