قال الدكتور عمار على حسن إنه فى روايته "جبل الطير " اقتدى بالأديب نجيب محفوظ الذى قال إن الانضباط والجهد هما أساس الإبداع، وأن هذه الرواية كتبتها وكتبتنى" كتبتها لأنى سجلت سطورها وكتبتنى لأنها هى من قاد السياق الدرامى".. وجاء ذلك فى ندوة "قراءات فى رواية جبل الطير" للدكتور عمار على حسن، والتى شارك فيها كل من الدكتور فتحى أبو العنين، استاذ علم اجتماع الأدب بجامعة عين شمس، وأدار الندوة الشاعر على عطا.
فى البداية أكد "عطا" أن الرواية ما هى إلا نتاج طبيعى لمفكر وباحث مثل عمار فالرواية تسخر بواقعية سحرية كما هى ملتصقة بواقعنا الماضى والمعاش".
بينما قال "عمار" إنه وجد قانون تداعى المعانى فى هذه الرواية وذلك بتسخير وقت كبير للقراءة الكثيفة والاطلاع، لأن الرواية أحداثها ممتدة بين العصر الفرعونى والإسلامى والمملوكى ثم العصر الحديث، حيث يسافر بطل الرواية عبر الأزمنة والأمكنة ليكون شاهدا على العصر الفرعونى والحقبة المسيحية، وهو ما استلزم القراءة والبحث الدقيق فى كتب الرهبنة بل واستقاء المعلومات أحيانا بالاتصال بالكنيسة، قائلا: "هذه الرواية جعلتنى أبحر فى التاريخ مؤكدا ان كتابة الرواية تستلزم قدرا من المعرفة والاطلاع و المعايشة.
وقال عمار: "على الرغم من إننى لست فاعلا فى الواقع السياسى وطريق الأدب طريق طويل وشاق، ولكننى أعتقد أنه مثلما قال الأديب نجيب محفوظ ليس هناك حدث فنى ولكن هناك حدث سياسى يتم تناوله بطريقة فنية"، وأشار عمار إلى أنه ليس ثمة تناقض فى أن يجمع الكاتب بين العمل الأدبى والسياسى، مشيراً إلى أن تجربة "جبل الطير" مرت فى بناءها بعدة مراحل حيث اكتمل بناءها فى رأسه من حيث الهيكل، ثم استغرق وقت ليس بقصير لجمع تفاصيلها الدقيقة واستكمال شكل الرواية، موضحاً أن أساليب مشروع الكتابة يتخذ عدة أشكال فمنها ما تظل منشغلا بها فترة من الزمن حتى تكتمل فى رأسك، وهناك رواية يتم التخطيط لها ويعد بطاقات لشخصيات الرواية وهناك رواية تخضع لقانون امتداد المعانى".
وقال الدكتور فتحى أبو العنين استاذ علم اجتماع الأدب بجامعة عين شمس، أن الرواية ما هى إلا تجسيد حقيقى وتأكيد للعلاقة ما بين العمل الأدبى والفكرى والسياسى، وذلك لأنها امتازت بأسلوب جديد من الحكى والسرد يرتبط فيها الساحر بالواقع، وإن كان يتجاوز الواقع وتجعل من قارئها واقعا فى إشكالية صعوبة الفصل بين الواقع والخيال، كما تميزت بالنهل المكثف من التراث واستخدام التراث وعناصر فنية أخرى ذات مدلولية، مشيرا إلى التنوع التقنى المضمونى الذى خلق لدى المتلقى حالة من الدهشة والمتعة حيث استطاع المؤلف أن يجمع بين الموروث الروحى الساكن فى منطقتى الوعى واللاوعى لدى الشخصية المصرية، مؤكدا ان المؤلف استخدم بعض التقنيات الكتابية مثل التوهمات والخيالات وتعدد الأزمنة والأمكنة ، كما زخرت الرواية بتعدد الشخصيات والأمكنة وهذا يعكس مدى وعى المؤلف باستخدام تقنيات فى الكتابة مع الواقع الحلم والمعاش وفقا لمواقف بطل الرواية الذى خاض الأمكنة الجغرافية واضطر للتعامل مع جفاوة الحياة وقسوتها".
وأشار الدكتور أبو العنين أن عملية تحليل الرواية تخضع لخطوتين الأولى هى محاولة فهم النص كم هو دون إضفاء أى معانى ، ثم تأتى الخطوة الثانية وهى عملية التفسير وهى محاولة فهم الدلالات الموجودة سواء لدى الشخصيات والأمكنة وغيرها وإقامة علاقات بين الدلالات وربطها بالواقع الخارجى حتى نستطيع أن نبنى جسر تتجلى فيه ما نطلق عليه تجاوز العمل لمؤلفه.
وشهدت الندوة مناقشات ساخنة حيث تساءل أحد المشاركين عن مدى وصول هذه الندوات لكتلة الجماهير الحرجة التى تعيش على سبيل المثال فى المناطق العشوائية التى لا تصلها سوى الأفكار الظلامية، خاصة وان هذه الكتلة ضعيفة ومخترقة ويصل إليها دعاة التطرف بشكل أسهل من وصول الدولة لها، مؤكدا أنه على الدولة ألا تتعامل مع الإرهاب على أنه عرض وليس مرض.
واختتم عمار ندوته بالرد على قضية تناول الدولة المصرية للتطرف وتعاملها مع الإرهاب محذراً من العواقب الوخيمة لسوء إدارة القضية قائلا: "إن الدولة المصرية تواجه أعتى موجات التطرف مطالبا الدولة بأن تعالج التطرف من جذوره، وألا تتعامل مع العرض ولا تعالج المرض مؤكدا ضرورة دعم الدولة للبديل المدنى سواء كان حزبا أو مؤسسة مدنية لأن غياب هذا البديل يمهد الطريق للتيار المتطرف والذى لديه الركائز الاقتصادية والمنابر.