قال الدكتور أحمد مرسى، أستاذ الأدب الشعبى، للأسف الشديد إن البعض يتعامل مع قضايا التراث الشعبى باعتبارها "زكيبة" أو "برطمان مربى خلص فنضع فيه ملحا"، مشددًا على أننا لم نستعد للتعامل مع العالم أو المجتمع الجديد الذى يتشكل الآن ويعتمد على الصناعة والتكنولوجيا بشكل كبير، وهو ما سيكون له أثر حتمى على ثقافة الانتماء والولاء.
جاء ذلك خلال الندوة التى أقيمت اليوم فى قاعة صلاح عبد الصبور، فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، ضمن فعاليات البرنامج الثقافى، بعنوان "الفولكلور وثقافة المستقبل"، وتحدث فيها الدكتور أحمد مرسى، والدكتور أحمد شمس الدين الحجاجى، وأدار الندوة الدكتور أحمد بهى.
وقال الدكتور أحمد مرسى، إن الثقافة الشعبية الآن هى الحصن الوحيد الباقى للحفاظ على الهوية، وعلى ذاتنا، لأن العولمة وما أتت به من أشياء جيدة أو سيئة، ولكن الجوانب السيئة لم تنجح كما أرادت نظرًا لما قامت به الثقافة الشعبية فى مواجهتها.
وأضاف أحمد مرسى، إن تصور ما نحن مقبلون عليه، هو عالم اقتصادى يتجه إلى سيادة الصناعة المعتمدة على التكنولوجيا سريعة التطور، ومجتمع جديد يطلق عليه مجتمع معلوماتى أو مجتمع معرفى، وهذا المجتمع يتجه سياسيًا إلى الديمقراطية، وكلاهما مرتبط ببعض، الصناعة والسياسة، فالديمقراطية ليست فقط انتخابات، بل هى سلوك، وهذا المجتمع الجديد سوف يشهد متغيرات متسارعة نتيجة لما ذكرنا من قبل، مشيرًا إلى أنه يمكننا أن نشهد بوادر لتأثير التكنولوجيا على العلاقات الأسرية فى كل منزل فى العالم العربى.
ورأى أحمد مرسى أن هذا العالم الذى يتشكل الآن سوف يشهد صراعًا هائلاً سيؤثر على قيم ثقافة الولاء والانتماء، فهو عالم جديد يبحث عن علاقات اجتماعية وثقافية جديدة، وحلولاً غير تقليدية لمشكلة الهوية، ولابد أن نضع فى اعتبارنا أن التكنولوجيا ليس صناعة فقط، بل هى أدوات منتجة لقيم جديدة.
وأوضح أحمد مرسى أن علاقة ذلك بالتراث الشعبى هو أنه من الممكن جدًا أنها لا تتلائم مع الموروث الشعبى أو التراث غير المادى، فما يدفعنا لأشياء لم يكن لنا بها عهد من قبل، الأمر الذى يستلزم منا أن نجتهد ونتناقش حول مفهومنا للتراث منذ آلاف التراث، وماذا يمكن أن نسهم به فى تقبل العالم الجديد، أو ما يقف ضد هذا المجتمع الجديد، فيؤدى إلى صدام لا حاجة لنا به.
ورأى أحمد مرسى أن البعض يتعامل مع قضية التراث الشعبي للأسف على اعتباره "زكيبة" أو "برطمان مربى خلص فيحط فيه ملح"، مؤكدًا على أننا بحاجة إلى أن نتخذًا موقفًا نقديًا من التراث الشعبى، وألا نتعامل معه باعتباره مقدسًا، بل علينا أن نتخذ هذه الخطوة ونناقش تراثنا، لنكون على استعداد تام للمجتمع الجديد.
وشدد أحمد مرسى على أننا للأسف لم نهيئ أنفسنا لتقبل أى شىء، وإذا اتفقنا على أنه لا يمكن أن نحيا بدون أن نفكر، فلابد أن ندرك جيدًا أنه علينا البحث عن أساليب جديدة للتفكير، مؤكدًا على أنه علينا أن نسأل أنفسنا الآن: هل سيؤثر المجتمع الصناعى الجديد على ثقافتنا الشعبية؟.
وقال أحمد مرسى، إن أكثر كتابين تمت قرأتهما على مستوى العالم، أكثر من الكتب الدينية المقدسة، هما "حكايات الأخوين جريم"، وكتاب "ألف ليلة وليلة"، وقد تمت ترجمتهما بكل لغات العالم، لافتاً إلى أنه للأسف حتى الآن لا يوجد أرشيف علمى حقيقى فى دولة عربية لتسجيل التراث الشعبى مثل الحكايات، والتى كانت ستحفظ لكثير من الدول حقوقها.