دائمًا ما تشغل حياة الفنانين والمشاهير والعباقرة وقصص زواجهم اهتمام جمهور القراء فى العالم، لما تتضمنه من جوانب خفية وحكايات مليئة بالتفاصيل تبدو غريبة ومثيرة، ولعل هذا ما جعل الكاتب مصطفى نصر، أن يقدم بعضها فى ثوب أدبى مختلف عن تلك الكتب التى تقدمها كتقارير صحفية، فالكاتب وهو روائى وقاص استعان بمخزونه الإبداعى ليرسم هذه القصص فى كتابه "حكايات زواج العباقرة والمشاهير"، الصادر حديثًا عن الدار المصرية للنشر.
وقد يقول البعض أن تفاصيل هذه القصص معروفة، إلا أنه فى هذا الكتاب فقد أعاد مصطفى نصر تقديم عدد من الأسماء المعروفة عربيًا وعالميًا، منهم شجرة الدر، ومحمد على، وملك حفنى ناصف، وفاطمة رشدى، وبديعة مصابنى، وتولستوى، وتشايكوفسكى، وإبراهام لنكولن، ومصطفى كمال أتاتورك، وفيفيان لى، ومارلين مونرو.
تلك الحكايات التى أعاد كتابتها مصطفى نصر، لو تعرض لها القارئ على عكس ما قدمها ربما ما كان لها أن تجذب انتباهه وتشعره بما تحمله من معانى، ففى قصة تولستوى، أحد عمالقة وأعمدة الأدب الروسى فى القرن التاسع عشر، سنجد صراعه مع أسرته وزوجته بعدما قرر أن يتنازل عن أملاكه وتحديدًا الأراضى للفلاحيين، إلا أن زوجته صوفيا كان لها رأى آخر، وقد شكته لابن عمها ورأت أنه جعل القصر مفتوحًا للأدباء الشباب، ولما قام بتسليم صكوك الأرض للفلاحين ذهبت إليهم ومزقت تلك الصكوك، فقرر الهرب، ومات فى محطة أستابوفو، بسبب سوء حالته الصحية.
ويرسم مصطفى نصر، تفاصيل معاناة مارلين مونرو من أجل حصولها على عمل فى السينما، ورفض شركات الانتاج لها، حتى قامت بإجراء عملية تجميل، وأصبحت وجهًا يتصدر أغلفة المجلات، وما حققه أول فيلم من بطولتها بعنوان "صراع الليل" من أرباح طائلة، وتفاصيل زواجها من الكاتب والروائى والمسرحى والمناضل آثر ميللر، أحد رموز الأدب والسينما الأمريكية، الذى أعجب بها، وطلب منها الزواج.
ويقول مصطفى نصر عن سر قيامه بتقديم هذه الحكايات فى قالب قصصى: لقد شغلت بعض الوقت بحفلات الزفاف التى كانت سببًا فى ضياع دول، كحفل زواج قطر الندى ابنة خمارويه، حاكم مصر من المعتضد – الخليفة العباسى فى بغداد – تلك الزيجة التى خربت خزائن مصر وأنهت الدولة الطولونية، وشغلت بزواج الشيخ على يوسف من صفية ابنة الشيخ السادات، صاحب ورئيس تحرير جريدة "المؤيد"، تلك الزيجة التى أذلت على يوسف، وفرق القاضى الشرعى "أبو خطوة" بين الزوجين، لأن غنى الزوج – وقت الزواج – لا يمحو عار فقره القديم، كما أنه يعمل "جورنالجى" وهى مهنة محرمة شرعًا، لأنها تتبع عورات الناس، والدين يأمر بألا تجسسوا.
كما شغلت بزواج على فهمى، ابن مقاول غنى جدًا، من فرنسية جاءت تزور مصر للعلاج، فأساء معاملتها، فقتلته فى لندن، وبرأتها المحاكم الإنجليزية، وعلقت الصحف الأوروبية على الحادث، واعتبرته صراعًا بين حضارة متقدمة تمثلها الزوجة، وحضارة متخلفة يمثلها الزوج على فهمى، وعلقت الصحف المصرية على الخبر، ودافعت عن الحضارة المصرية، وصور محمد بيومى، رائد السينما المصرية فيلماً تسجيلياً عن وصول جثمان على فهمى، وورثت عائشة شقيقته ثروة كبيرة بعد موته، فتزوجت يوسف وهبى، ثم تزوجت بعده محمود شكوكو لبعض الوقت.
وكذلك قصة زواج الشاعر العربى ديك الجن من "ورد" التى بهرته بجمالها، فتزوجها، ولكن ابن عمه أبو الطيب، أوهمه بأنها تخونه، حتى قتلها – هذه مأساة عطيل – فقد يكون وليم شكسبير قد سمع الحكاية من الأوروبيين المسيحيين واليهود الذين ذهبوا إلى بيت المقدس للحج. فقصة ديك الجن كانت مشهورة فى حمص والمدن المجاورة لها، كما أن الكثير من الصليبيين أقاموا فى بلاد الشام، وقصة ديك الجن وصلت إلى أسماعهم، فحكوا عنها فى بلادهم عند عودتهم.